٦٩١ - عن إبراهيم الحربي عن أحمد أنه قال: العقل غريزة، والحكمة فطنة، والعلم سماع، والرغبة في الدنيا هوى، والزهد فيها عفاف.
قال القاضي: ومعنى قوله: "غريزة" أنه خلقه الله ابتداء، وليس باكتساب العبد ترتيب جيد، لكن الغرائز في القوى.
وقال ابن فورك: هو العلم الذي يمتنع به من فعل القبيح.
قال: ومعنى ذلك كله متقارب، وما ذكرناه أولى، وهو قول الجمهور من المتكلمين، خلافًا لما حكي عن الفلاسفة أنه اكتساب. المستدرك ٢/ ٢٩١
* * *
(الْعِلْمُ بِاللهِ أَفْضَلُ مِن الْعِلْمِ بِخَلْقِهِ)
٦٩٢ - الْعِلْمُ بِاللهِ أَفْضَلُ مِن الْعِلْمِ بِخَلْقِهِ (١)؛ وَلهَذَا كَانَت آيَةُ الْكُرْسِيِّ أَفْضَلَ آيَةٍ فِي الْقُرْآنِ؛ لِأنَّهَا صِفَةُ اللهِ تَعَالَى، وَكَانَتْ: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (١)} تَعْدِلُ ثُلُثَ الْقُرْآنِ.
لِأَنَّ الْقُرْآنَ "ثَلَاثَةُ أَثْلَاثٍ": ثُلُثٌ تَوْحِيدٌ، وَثُلُثٌ قَصَصٌ، وَثُلُثٌ أَمْرٌ وَنَهْيٌ.
(١) إنَّ الذي يهتم بعلوم التربية والفن والإلقاء والخطابة والنفس والتعامل ونحوها من العلوم وإن كانت شريفة فاضلة، إلا أنها ليست كشرف وفضيلة العلوم الشرعية؛ لأن الْعِلْم بِاللهِ أَفْضَلُ مِن الْعِلْم بِخَلْقِهِ، فلا مقارنة بين العلم بالله وصفاته وأحكامه، وبين العلم بالناس وأحوالهم وطباعَهم والتعامل المناسب معهم.
مع أن من يتمكن من العلم الشرير بأكمله لن يحتاج إلى كثير من هذه العلوم، فقد جاءت بأكمل الأساليب في التربية والتعامل والإلقاء والأخلاق ونحوها.
إنه لا يستوي العلم بالخالق العظيم الذي بيده الضر والنفع، والجنة والنار، بالعلم بالمخلوق الضعيف الذي لا يملك مثقال ذرة، وهو مخلوق مثلنا ضعيف مربوب.
حتى وإن كان المخلوق من أهل الصلاح والخير والعلم، فصرف الأوقات كلها أو أكثرها في ذلك خسارة كبيرة؛ لأنه تُفوت العلم بما هو أعظم وأكمل وأنفع.
فاصرف همّتك وقلبك ووقتك إلى العلم بالواحد الأحد، الذي كلما ازددت علمًا بأسمائه وصفاته، وشرعه وآياته: عظم قدرك، واستنار قلبك، وانشرح صدرك، وعلت همتك، وزهدت بغيره، وقنعت به وبما جاءك منه.