والْقَاعِدَةُ الَّتي قَدَّمْتهَا تَجْمَعُ ذَلِكَ كُلَّهُ.
وَفِي الْمُتَسَمِّينَ بِذَلِكَ مِن أَوْليَاءِ اللهِ وَصَفْوَتِهِ وَخِيَارِ عِبَادِهِ مَا لَا يُحْصَى عَدُّهُ.
كَمَا فِي أَهْلِ "الرَّأْيِ" مِن أَهْلِ الْعِلْمِ وَالْإِيمَانِ مَن لَا يُحْصِي عَدَدَهُ إلَّا اللهُ.
وَبِهَذَا يَتَبَيَّنُ لَك أَنَّ الْبِدْعَةَ فِي الدِّينِ وَإِن كَانَت فِي الْأَصْلِ مَذْمُومَةً كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ سَوَاءٌ فِي ذَلِكَ الْبِدَعُ الْقَوْلِيَّةُ وَالْفِعْلِيَّةُ: أَنَّ الْمُحَافَظَةَ عَلَى عُمُومِ قَوْلِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -: "كُلُّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ" مُتَعَيِّنٌ وَأَنَّهُ يَجِبُ الْعَمَلُ بِعُمُومِهِ. ١٠/ ٣٦٩ - ٣٧٠
٦٩٦ - مِمَّا يُنَاسِبُ "هَذَا الْبَابَ" قَوْلُهُمْ: فُلَانٌ يُسَلَّمُ إلَيْهِ حَالُهُ، أَو لَا يُسَلَّمُ إلَيْهِ حَالُهُ؛ فَإِنَّ هَذَا كَثِيرًا مَا يَقَعُ فِيهِ النِّزَاعُ فِيمَا قَد يَصْدُرُ عَن بَعْضِ الْمَشَايخِ وَالْفُقَرَاءِ وَالصُّوفِيَّةِ مِن أُمُورٍ يُقَالُ: إنَّهَا تُخَالِفُ الشَّرِيعَةَ:
فَمَن يَرَى أَنَّهَا مُنْكَرَةٌ وَأَنَّ إنْكَارَ الْمُنْكَرِ مِن الدِّينِ يُنْكِرُ تِلْكَ الْأُمُورَ، وَيُنْكِرُ عَلَى ذَلِكَ الرَّجُلِ، وَعَلَى مَن أَحْسَنَ بِهِ الظَّنَّ وَيُبْغِضُهُ وَيَذُمُّهُ وَلُعَاقِبُهُ.
وَمَن رَأَى مَا فِي ذَلِكَ الرَّجُلِ مِن صَلَاحٍ وَعِبَادَةٍ: كزُهْدٍ وَأَحْوَالٍ وَوَرَعٍ وَعِلْمٍ لَا يُنْكِرُهَا؛ بَل يَرَاهَا سَائِغَةً أَو حَسَنَةً، أَو يُعْرِضُ عَن ذَلِكَ.
وَقَد يَغْلُو كُلُّ وَاحِدٍ مِن هَذَيْنِ: حَتَّى يَخْرُجَ بِالْأَوَّلِ إنْكَارُهُ إلَى التَّكْفِيرِ وَالتَّفْسِيقِ فِي مَوَاطِنِ الِاجْتِهَادِ. مُتَّبِعًا لِظَاهِرِ مِن أَدِلَّةِ الشَّرِيعَةِ.
وَيخْرُجُ بِالثَّانِي إقْرَارُهُ إلَى الْإِقْرَارِ بِمَا يُخَالِفُ دِينَ الْإِسْلَامِ مِمَّا يُعْلَمُ بِالِاضْطِرَارِ أَنَّ الرَّسُولَ جَاءَ بِخِلَافِهِ.
وَالْأَوَّلُ: كَثِيرًا مَا يَقَعُ فِي ذَوِي الْعِلْمِ لَكِنْ مَقْرُونًا بِقَسْوَةٍ وَهَوًى.
وَالثَّاني: كَثِيرًا مَا يَقَعُ فِي ذَوِي الرَّحْمَةِ لَكِنْ مَقْرُونًا بِضَلَالٍ وَجَهْلٍ (١).
(١) كأنه يتكلم عن واقعنا رحمه الله رحمةً واسعة، فكثيرٌ من الناس يختلفون في الجماعات أو الأفراد من الدعاة والمشايخ والسياسيّين وغيرهم، بين قاح ومادح، فالأمة الوسط تنظر بعين العلم والرحمة، فمن غلّب أحدَهما وقع في الخطأ كما قال الشيخ رَحِمَهُ اللهُ.