مَعَ قِرَاءَتِهِمْ، يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ لَا يُجَاوِزُ حَنَاجِرَهُمْ" (١).
فَذَكَرَ اجْتِهَادَهُم بِالصَّلَاةِ وَالصِّيَامِ وَالْقِرَاءَةِ، وَأَنَّهُم يَغْلُونَ فِي ذَلِكَ حَتَّى تَحْقِرَ الصَّحَابَةُ عِبَادَتَهُم فِي جَنْبِ عِبَادَةِ هَؤُلَاءِ.
وَهَؤُلَاءِ غَلَوْا فِي الْعِبَادَاتِ بِلَا فِقْهٍ فَآلَ الْأَمْرُ بِهِم إلَى الْبِدْعَة … فَإِنَّهُم قَد اسْتَحَلُّوا دِمَاءَ الْمُسْلِمِينَ وَكَفَّرُوا مَن خَالَفَهُمْ، وَجَاءَت فِيهِم الْأَحَادِيثُ. ١٠/ ٣٩١ - ٣٩٢
٧٠١ - كُنْت فِي أَوَائِلِ عُمْرِي حَضَرْت مَعَ جَمَاعَةٍ مِن أَهْلِ "الزُّهْدِ وَالْعِبَادَةِ وَالْإِرَادَةِ"، فَكَانُوا مِن خِيَارِ أَهْلِ هَذِهِ الطَّبَقَةِ.
فَبِتْنَا بِمَكَان وَأَرَادُوا أَنْ يُقِيمُوا سَمَاعًا وَأَنْ أَحْضُرَ مَعَهُمْ، فَامْتَنَعْت مِن ذَلِكَ، فَجَعَلُوا لِي مَكَانًا مُنْفَرِدًا قَعَدْت فِيهِ، فَلَمَّا سَمِعُوا وَحَصَلَ الْوَجْدُ وَالْحَالُ صَارَ الشَّيْخُ الْكَبِيرُ يَهْتِفُ بِي فِي حَالِ وَجْدِهِ وَيقُولُ: يَا فُلَانُ قَد جَاءَك نَصِيبٌ عَظِيمٌ تَعَالَ خُذْ نَصِيبَك، فَقُلْت فِي نَفْسِي ثُمَّ أَظْهَرْته لَهُم لَمَّا اجْتَمَعْنَا: أَنْتُمْ فِي حِلٍّ مِن هَذَا النَّصِيبِ، فَكُلُّ نَصِيبٍ لَا يَأتِي عَن طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فَإِنِّي لَا آكُلُ مِنْهُ شَيْئًا (٢).
وَتبَيَّنَ لِبَعْضِ مَن كَانَ فِيهِمْ مِمَن لَهُ مَعْرِفَةٌ وَعِلْمٌ أَنَّهُ كَانَ مَعَهُم الشَّيَاطِينُ، وَكَانَ فِيهِمْ مَن هُوَ سَكْرَانُ بِالْخَمْرِ.
وَاَلَّذِي قُلْته مَعْنَاهُ: أَنَّ هَذَا النَّصِيبَ وَهَذِهِ الْعَطِيَّةَ وَالْمَوْهِبَةَ وَالْحَالَ سَبَبُهَا غَيْرُ شَرْعِيٍّ، لَيْسَ هُوَ طَاعَةً للهِ وَرَسُولِهِ، وَلَا شَرَعَهَا الرَّسُولُ، فَهُوَ مِثْلُ مَن يَقُولُ: تَعَالَ اشْرَبْ مَعَنَا الْخَمْرَ وَنَحْنُ نُعْطِيك هَذَا الْمَالَ، أَو عَظِّمْ هَذَا الصَّنَمَ وَنَحْنُ نُوَلِّيك هَذِهِ الْوِلَايَةَ وَنَحْو ذَلِكَ. ١٠/ ٤١٨ - ٤١٩
(١) رواه البخاري (٣٦١٠)، ومسلم (١٠٦٤).
(٢) تأمل إلى ديانته وعقله منذ نعومة أظفاره!