٧٢٤ - إِنَّ ابْنَ أَبِي دُؤاد كَانَ قَد جَمَعَ لِلْإِمَامِ أَحْمَد مَن أَمْكَنَهُ مِن مُتَكَلِّمِي الْبَصْرَةِ وَبَغْدَادَ وَغَيْرِهِمْ مِمَن يَقُولُ: إنَّ الْقُرْآنَ مَخْلُوقٌ، وَهَذَا الْقَوْلُ لَمْ يَكُن مُخْتَصًّا بِالْمُعْتَزِلَةِ كَمَا يَظُنُّهُ بَعْضُ النَّاسِ؛ فَإِنَّ كَثِيرًا مِن أُولَئِكَ الْمُتَكَلِّمِينَ أَو أَكْثَرَهُم لَمْ يَكُونُوا مُعْتَزِلَةً، وَبِشْرٌ المريسي لَمْ يَكُن مِنَ الْمُعْتَزِلَةِ.
بَل فِيهِمْ نجارية وَمِنْهُم بُرْغُوثٌ.
وَفِيهِمْ ضرارية، وَحَفْصٌ الْفَرْدُ الَّذِي نَاظَرَ الشَّافِعِيَّ كَانَ مِن الضرارية أَتْبَاعِ ضِرَارِ بْنِ عَمْرو.
وَفِيهِمْ مُرْجِئَةٌ وَمِنْهُم بِشْرٌ المريسي.
وَمِنْهُم جهمية مَحْضَةٌ، وَمِنْهُم مُعْتَزِلَةٌ.
وَابْنُ أَبِي دؤاد لَمْ يَكُن مُعْتَزِلِيًّا؛ بَل كَانَ جهميًّا يَنْفِي الصِّفَاتِ، وَالْمُعْتَزِلَةُ تَنْفِي الصِّفَاتِ، فنفاة الصِّفَاتِ الْجَهْمِيَّة أَعَمُّ مِنَ الْمُعْتَزِلَةِ (١). ١٧/ ٢٩٩ - ٣٠٠
٧٢٥ - الْقَدَرِيَّةُ قَصَدُوا تَنْزِيهَ اللهِ عَن السَّفَهِ وَأَحْسَنُوا فِي هَذَا الْقَصْدِ، فَإِنَّه سُبْحَانَهُ مُقَدَّسٌ عَمَّا يَقُولُ الظَّالِمُونَ مِن إبْلِيسَ وَجُنُودِهِ عُلُوًّا كَبِيرًا حَكَمٌ عَدْلٌ، لَكِنْ ضَاقَ ذَرْعُهُم وَحَصَلَ عِنْدَهُم نَوْعُ جَهْلٍ اعْتَقَدُوا مَعَهُ أَنَّ هَذَا التَّنْزِيهَ لَا يَتِمُّ إلَّا بِأَنْ يَسْلُبُوهُ قُدْرَتَهُ عَلَى أَفْعَالِ الْعِبَادِ وَخَلْقِهِ لَهَا وَشُمُولِ إرَادَتِهِ لِكُلّ شيْءٍ.
وقَالَتِ الوعيدية: كُلُّ فَاسِقٍ خَالِدٌ فِي النَّارِ لَا يَخْرُجُ مِنْهَا أَبَدًا.
وَقَالَتِ الْخَوَارِجُ: هُوَ كَافِرٌ.
وَغَالِيَةُ الْمُرْجِئَةِ أَنْكَرَتْ عِقَابَ أَحَدٍ مِن أَهْلِ الْقِبْلَةِ.
(١) فالمحنة التي وقعت للإمام أحمد بن حنبل رَحَمِهُ اللهُ، والمناظرة التي حدثت لم تكن مع المعتزلة فقط، بل كانت مع جنس الجهميّة.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رَحَمِهُ اللهُ: "ولم تكن المناظرة مع المعتزلة فقط، بل كانت مع جنس الجهمية؛ من المعتزلة، والنجارية، والضرارية، وأنواع المرجئة؛ فكلّ معتزليّ جهميّ، وليس كلّ جهميّ معتزليًّا … " إلخ. منهاج السُّنَة النبوية (٢/ ٦٠٣ - ٦٠٤).