٧٥٢ - جَمِيعُ أَهْلِ الْبِدَعِ قَد يَتَمَسَّكُونَ بِنُصُوص؛ كَالْخَوَارجِ، وَالشِّيعَةِ، وَالْقَدَرِيَّةِ، وَالرَّافِضَةِ، وَالْمُرْجِئَةِ، وَغَيْرِهِمْ، إلَّا الْجَهْمِيَّة؛ فَإِنَّهُم لَيْسَ مَعَهُم عَن الْأَنْبِيَاءِ كَلِمَةٌ وَاحِدَةٌ تُوَافِقُ مَا يَقُولُونَهُ مِن النَّفْيِ؛ وَلِهَذَا قَالَ ابْنُ الْمُبَارَكِ وُيوسُفُ بْنُ أَسْبَاطٍ: إنَّ الْجَهْمِيَّة خَارِجُونَ عَن الثَّلَاثِ وَالسَّبْعِينَ فِرْقَةً.
وَهَذَا أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ لِأَصْحَابِ أَحْمَد، ذَكَرَهُمَا أَبُو عَبْدِ اللهِ بْنُ حَامِدٍ وَغَيْرُهُ. ٥/ ٢٢٧ - ٢٢٨
٧٥٣ - تَجِدُ الْمُعْتَزِلَةَ وَالْمُرْجِئَةَ وَالرَّافِضَةَ وَغَيْرَهُم مِن أَهْلِ الْبِدَعِ: يُفَسِّرُونَ الْقُرْآنَ بِرَأيِهِمْ وَمَعْقُولِهِمْ وَمَا تَأَوَّلُوهُ مِن اللُّغَةِ؛ وَلِهَذَا تَجِدُهُم لَا يَعْتَمِدُونَ عَلَى أَحَادِيثِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَالصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ، فَلَا يَعْتَمِدُونَ لَا عَلَى السُّنَّةِ وَلَا عَلَى إجْمَاعِ السَّلَفِ وَآثَارِهِمْ، وَإِنَّمَا يَعْتَمِدُونَ عَلَى الْعَقْلِ وَاللُّغَةِ، وَتَجِدُهُم لَا يَعْتَمِدُونَ عَلَى كُتُبِ التَّفْسِيرِ الْمَأْثُورَةِ وَالْحَدِيثِ وَآثَارِ السَّلَفِ، وَإِنَّمَا يَعْتَمِدُونَ عَلَى كُتبِ الْأدَبِ وَكُتُبِ الْكَلَامِ الَّتِي وَضَعَتْهَا رُؤُوسُهُمْ، وَهَذِهِ طَرِيقَةُ الْمَلَاحِدَةِ.
وَإِذَا تَدَبَّرْتَ حُجَجَهُم وَجَدْت دَعَاوَى لَا يَقُومُ عَلَيْهَا دَليلٌ. ٧/ ١١٩
٧٥٤ - وَلِهَذَا يُقَالُ: ثَلَاثَةُ أَشْيَاءَ مَا لَهَا مِن أَصْلٍ: (بَابُ الْنُصَيْرِيَّة) و (مُنْتَظَرُ الرَّافِضَةِ) و (غَوْثُ الْجُهَّالِ)، فَإِنَّ الْنُصَيْرِيَّة تَدَّعِي فِي الْبَابِ الَّذِي لَهُم مَا هُوَ مِن هَذَا الْجِنْسِ أَنَّهُ الَّذِي يُقِيمُ الْعَالَمَ فَذَاكَ شَخْصُهُ مَوْجُودٌ، وَلَكِنَّ دَعْوَى الْنُصَيْرِيَّة فِيهِ بَاطِلَةٌ، وَأَمَّا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ الْمُنْتَظَرُ وَالْغَوْثُ الْمُقِيمُ بِمَكَّةَ وَنَحْوُ هَذَا: فَإِنَّهُ بَاطِلٌ لَيْسَ لَهُ وُجُودٌ. ٢٧/ ٩٩
٧٥٥ - هَؤُلَاءِ أي: الخوارج أَمَرَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- بِقِتَالِهِمْ؛ لِأَنَّ مَعَهُم دِينًا فَاسِدًا لَا يَصْلُحُ بِهِ دُنْيَا وَلَا آخِرَةٌ كَثِيرًا (١). ٢٨/ ٢٩١
* * *
(١) وهذا هو الواقع قديمًا وحديثًا، فلم يتمكنوا في بلدٍ فصلح حاله، وساد العدل فيه، وطاب معاش أهله ودنياهم؛ لأنّ غلوهم في دينهم أفسد عليهم نظرتهم للحياة وللناس، وأفسد عليهم النظر في مقاصد الشريعة، التي لا يقوم الدين إلا به.