وَرَسُولُهُ أَشْيَاءَ بِالذِّكْرِ لِوُقُوعِهَا فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ مِثْل قَوْلِهِ: {وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلَاقٍ} الإسراء: ٣١ .. وَنَحْو ذَلِكَ.
وَمِثْل تَعْيِينِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قبَائِلَ مِن الْأَنْصَارِ وَتَخْصِيصَهُ أَسْلَمَ وَغِفَارَ وَجُهَيْنَةَ وَتَمِيمًا وَأَسَدًا وغطفان وَغَيْرَهُم بِأَحْكَام لِمَعَانٍ قَامَتْ بِهِمْ، وَكُلُّ مَن وُجِدَتْ فِيهِ تِلْكَ الْمَعَانِي أُلْحِقَ بِهِم؛ لِأَنَّ التَّخْصِيصَ بِالذِّكْرِ لَمْ يَكُن لِاخْتِصَاصهِمْ بِالْحُكْمِ؛ بَل لِحَاجَةِ الْمُخَاطَبِينَ إذ ذَاكَ إلَى تَعْيِينِهِنْم.
هَذَا إذَا لَمْ تَكُنْ أَلْفَاظُهُ شَامِلَةً لَهُمْ، وَهَؤُلَاءِ الرَّافِضَةُ إنْ لَمْ يَكُونُوا شَرًّا مِن الْخَوَارِج المنصوصين فَلَيْسُوا دُونَهُم؛ فَإِنَّ أُولَئِكَ إنَّمَا كَفَّرُوا عُثْمَانَ وَعَلِيًّا وَأَتْبَاعَ عُثْمَانَ وَعَلِيِّ فَقَطْ، دُونَ مَن قَعَدَ عَن الْقِتَالِ أَو مَاتَ قَبْلَ ذَلِكَ.
وَالرَّافِضَةُ كَفَّرَتْ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ وَعَامَّةَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارَ، وَاَلَّذِينَ اتبعُوهُم بِإِحْسَانٍ الَّذِينَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُم وَرَضُوا عَنْهُ، وَكَفَّرُوا جَمَاهِيرَ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم - مِنَ الْمُتَقَدِّمِينَ والمتأخرين.
وَيسْتَحِلُّونَ دِمَاءَ مَن خَرَجَ عَنْهُمْ، ويُسَمُّونَ مَذْهَبَهُمْ: مَذْهَبَ الْجُمْهُورِ.
وَقَد اتَّفَقَ أَهْلُ الْعِلْمِ بِالْأَحْوَالِ: أَنَّ أَعْظَمَ السُّيُوفِ الَّتِي سُلَّتْ عَلَى أَهْلِ الْقِبْلَةِ مِمَن يَنْتَسِبُ إلَيْهَا وَأَعْظَمَ الْفَسَادِ الَّذِي جَرَى عَلَى الْمُسْلِمِينَ مِمَن يَنْتَسِبُ إلَى أَهْلِ الْقِبْلَةِ: إنَّمَا هُوَ مِن الطَّوَائِفِ الْمُنْتَسِبَةِ إلَيْهِمْ.
فَهُم أَشَدُّ ضَرَرًا عَلَى الدِّينِ وَأَهْلِهِ وَأَبْعَدُ عَن شَرَائِعِ الْإِسْلَامِ مِن الْخَوَارِجِ الحرورية (١).
(١) والواقع يُصدق قوله رَحِمَهُ اللهُ، فنحن نرى اليوم عيانًا بيانًا عداوتهم للمسلمين قولًا وفعلًا، فقد تفوه العشرات من ساداتهم فضلًا عن عوامهم بكفر المسلمين ووجوب قتالهم، وأما أفعالهم فهي أشهر من أن تُذكر، فقد جَرَت دماء مئات الآلاف وهجر ملايين المسلمين على أيديهم في العراق والشام واليمن ولبنان وإيران وغيرها من بلاد الإسلام.
ولقد عانى أهل السُّنَّة الأذى من الخوارج في هذا العصر، ولكن لا يُقارَن أذاهم بأذى الرافضة.
فرحم الله شيخ الإسلام الخبير بهم وبمذهبهم.