أَكْثَرَ مِمَّا رَأَيْنَا مِن الْكَذِبِ فِي كُتُبِ أَهْلِ الْكِتَابِ مِن التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ.
وَوَصْفُ حَالِهِمْ يَطُولُ.
فَبِهَذَا يَتَبَيَّنُ أَنَّهُم شَرٌّ مِن عَامَّةِ أَهْلِ الْأَهْوَاءِ، وَأَحَقُّ بِالْقِتَالِ مِن الْخَوَارِجِ، وَهَذَا هُوَ السَّبَبُ فِيمَا شَاعَ فِي الْعُرْفِ الْعَامِّ: أَنَّ أَهْلَ الْبِدَعِ هُم الرَّافِضَةُ؛ فَالْعَامَّةُ شَاعَ عِنْدَهَا أَنَّ ضِدَّ السُّنِّيِّ هُوَ الرافضي فَقَطْ؛ لِأنَّهُم أَظْهَرُ مُعَانَدَةً لِسُنَّةِ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - وَشَرَائِعِ دِينِهِ مِن سَائِرِ أَهْلِ الْأَهْوَاءِ.
وَقَد ذَكَرَ أَهْلُ الْعِلْمِ أَنَّ مَبْدَأَ الرَّفْضِ إنَّمَا كَانَ مِن الزِّنْدِيقِ: عَبْدِ اللهِ بْنِ سَبَأٍ؛ فَإِنَّهُ أَظْهَرَ الْإِسْلَامَ وَأَبْطَنَ الْيَهُودِيَّةَ، وَطَلَبَ أَنْ يُفْسِدَ الْإِسْلَامَ كَمَا فَعَلَ بولص النَّصْرَانِيُّ الَّذِي كَانَ يَهُودِيًّا فِي إفْسَادِ دِينِ النَّصَارَى.
وَأَيْضًا: فَغَالِبُ أَئِمَّتِهِمْ زَنَادِقَةٌ (١)، إنَّمَا يُظْهِرُونَ الرَّفْضَ؛ لأنَّهُ طَرِيق إلَى هَدْمِ الْإِسْلَامِ.
وَهَؤُلَاءِ مِن أَعْظَمِ مَن أَعَانَ التَّتَارَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ بِالْيَدِ وَاللِّسَانِ، بِالْمُؤَازَرَةِ وَالْوِلَايَةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ؛ لِمُبَايَنَةِ قَوْلِهِمْ لِقَوْلِ الْمُسْلِمِينَ وَالْيَهُودِ وَالنَّصَارَى؛ وَلِهَذَا كَانَ مَلِكُ الْكُفَّارِ هُولَاكُو يُقَرِّرُ أَصْنَامَهُمْ.
وَأَيْضًا: فَالْخَوَارِج كَانُوا مِن أَصْدَقِ النَّاسِ وَأَوْفَاهُم بِالْعَهْدِ، وَهَؤُلَاءِ مِن أَكْذَبِ النَّاسِ وأنقضهم لِلْعَهْدِ.
وَأَمَّا ذِكْرُ الْمُسْتَفْتِي أَنَّهُم يُومِنُونَ بِكُلِّ مَا جَاءَ بِهِ مُحَمَّدٌ - صلى الله عليه وسلم -: فَهَذَا عَيْنُ الْكَذِبِ؛ بَل كَفَرُوا مِمَّا جَاءَ بِهِ بِمَا لَا يُحْصِيهِ إلَّا اللهُ، فَتَارَةً يُكَذِّبُونَ بِالنُّصُوصِ الثَّابِتَةِ عَنْهُ، وَتَارَةً يُكَذِّبُونَ بِمَعَانِي التَّنْزِيلِ.
وَمَا ذَكَرْنَاهُ وَمَا لَمْ نُذْكَرْهُ مِن مَخَازِيهِمْ يَعْلَمُ كُلُّ أَحَدٍ أَنَّهُ مُخَالِفٌ لِمَا بَعَثَ اللهُ بِهِ مُحَمَّدًا - صلى الله عليه وسلم -.
(١) والزنديق هو المنافق؛ أي: أنَّ غَالِبَ أَئِمَّتِهِمْ يُظهرون الإسلام ويُبطنون الكفر والإلحاد، وبقيّتهم يقعون في الكفر والشرك في الأولياء والغلو بهم، وكراهة الصحابة وأزواج النبي - صلى الله عليه وسلم -.