٧٨٠ - فِي "مُسْلِمٍ" (١) عَن عُبَيدِ اللهِ بْنِ أَبِي رَافِعٍ كَاتِبِ عَلِيٍّ -رضي الله عنه- أَنَّ الحرورية لَمَّا خَرَجَتْ وَهُوَ مَعَ عَلِيٍّ قَالُوا: لَا حُكْمَ إلَّا للهِ، فَقَالَ عَلِيٌّ: كَلِمَةُ حَقّ أُرِيدَ بِهَا بَاطِلٌ، إنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - وَصَفَ نَاسًا إنِّي لَأَعْرِفُ صِفَتَهُم فِي هَؤُلَاءِ، يَقُولُونَ الْحَقَّ بِأَلْسِنَتِهِمْ لَا يُجَاوِزُ هَذَا مِنْهُمْ، وَأَشَارَ إلَى حَلْقه، مِن أَبْغَضِ خَلْقِ اللهِ إلَيْهِ، مِنْهُم رَجُلُ أَسْوَدُ إحْدَى يَدَيْهِ طُبْيُ شَاةٍ، أَو حَلَمَةُ ثَدْيٍ.
وَهَذِهِ الْعَلَامَة الَّتِي ذَكَرَهَا النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - هِيَ عَلَامَةُ أَوَّلِ مَن يَخْرُجُ مِنْهُم لَيْسُوا مَخْصُوصِينَ بِأُولَئِكَ الْقَوْمِ، فَإِنَّهُ قَد أَخْبَرَ فِي غَيْرِ هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّهُم لَا يَزَالُونَ يَخْرُجُونَ إلَى زَمَنِ الدَّجَّالِ، وَقَد اتَّفَقَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى أَنَّ الْخَوَارِجَ لَيْسُوا مُخْتَصِّينَ بِذَلِكَ الْعَسْكَرِ.
فَهَؤلَاءِ أَصْلُ ضَلَالِهِمْ:
أ - اعْتِقَادُهُم فِي أَئِمَّةِ الْهُدَى وَجَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ أَنَّهُم خَارِجُونَ عَن الْعَدْلِ، وَأَنَّهُم ضَالُّونَ، وَهَذَا مَأْخَذ الْخَارِجِينَ عَن السُّنَّةِ مِن الرَّافِضَةِ وَنَحْوِهِمْ.
ب - ثُمَّ يَعُدُّونَ مَا يَرَوْنَ أَنَّهُ ظُلْمٌ عِنْدَهُم كُفْرًا.
ج - ثُمَّ يُرَتّبُونَ عَلَى الْكُفْرِ أَحْكامًا ابْتَدَعُوهَا.
فَهَذِهِ ثَلَاثُ مَقَامَاتٍ لِلْمَارِقِينَ مِن الحرورية وَالرَّافِضَةِ وَنَحْوِهِمْ، فِي كُلِّ مَقَامٍ تَرَكُوا بَعْضَ أُصُولِ دِينِ الْإِسْلَامِ حَتَّى مَرَقُوا مِنْهُ كَمَا مَرَقَ السَّهْمُ مِن الرَّمِيَّةِ.
وَفِي "الصَّحِيحَيْنِ" (٢) فِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ: "يَقْتُلُونَ أَهْلَ الإِسْلَامِ وَيَدَعُونَ أَهْلَ الْأَوْثَانِ؛ لَئِنْ أَدْرَكْتهمْ لَأَقْتُلُهُم قَتْلَ عَادٍ"، وَهَذَا نَعْتُ سَائِرِ الْخَارِجِينَ
= واستباحوا دماءهم، فقد ابتدعوا هذا القول الذي ليس له أصل في القرآن وكفروا من خالفه.
وأكثر أهل البدع قد وقعوا في هذا الأمر، كالروافض ونحوهم.
(١) (١٠٦٦).
(٢) البخاري (٣٣٤٣، ٣٣٤٤)، ومسلم (١٠٦٤).