وَالْحُبِّ وَالْبُغْضِ وَتَوَابعِ ذَلِكَ؛ فَإِنَّ هَذ الْأُمُورَ يَحْصُل فِيهَا الثَّوَابُ وَالْعِقَابُ وَعُلُوُّ الدَّرَجَاتِ وَأَسْفَلُ الدَّرَكَاتِ بِمَا يَكُونُ فِي الْقُلُوبِ مِن هَذِهِ الْأُمُورِ وَإِن لَمْ يَظْهَرْ عَلَى الْجَوَارحِ.
وَأمَّا الْقِسْمُ الثَّانِي والثالِثُ: فَمَظِنَّةُ الْأَفْعَالِ الَّتِي لَا تُنَافِي أُصُولَ الْإِيمَانِ مِثْل الْمَعَاصِي الطَّبعِيَّةِ؛ مِثْل الزنى وَالسَّرِقَةِ وَشُرْبِ الْخَمْرِ (١). ١٠/ ٧٥٩ - ٧٦٠
٨٦٧ - الْقُلُوبُ يَعْرِضُ لَهَا الْإِيمَانُ وَالنِّفَاقُ، فَتَارَةً يَغْلِبُ هَذَا وَتَارَةً يَغْلِبُ هَذَا. ١٠/ ٧٦٨
٨٦٨ - إِنَّ الْقَلْبَ إذَا تَعَوَّدَ سَمَاعَ الْقَصَائِدِ وَالْأبْيَاتِ وَالْتَذَّ بِهَا حَصَلَ لَهُ نُفوزٌ عَن سَمَاعِ الْقُرْآنِ وَالْآيَاتِ، فَيَسْتَغْنِي بِسَمَاعِ الشَّيْطَانِ عَن سَمَاعِ الرَّحْمَنِ.
وَقَد صَحَّ عَن النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- أَنَّهُ قَالَ: "لَيْسَ مِنَّا مَن لَمْ يَتَعن بِالْقُرْآنِ" (٢).
وَقَد فَسَّرَهُ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَغَيْزهُمَا بِأَنَّهُ مِن الصَّوْتِ، فَيُحَسِّنُة بِصَوْتِهِ وَيتَرَنَّمُ بِهِ بِدُونِ التَّلْحِينِ الْمَكْرُوهِ.
وَفَسَّرَهُ ابْنُ عُيَيْنَة (٣) وَأَبُو عُبَيْدٍ وَغَيْرُهُمَا بِأَنَّهُ الِاسْتِغْنَاءُ بِهِ، وَهَذَا وَإِن كَانَ لَهُ مَعْنًى صَحِيحٌ فَالْأَوَّلُ هُوَ الَّذِي دَلَّ عَلَيْهِ الْحَدِيثُ فَإِنَّهُ قَالَ: "لَيْسَ مِنَّا مَن لَمْ يَتَغَنَّ بِالْقُرْآنِ يَجْهَرُ بِهِ" (٤). ١١/ ٥٣٢
٨٦٩ - الْقَلْبُ هَل يَقُومُ بِهِ تَصْدِيقٌ أَو تَكْذِيبٌ وَلَا يَظْهَرُ قَطُّ مِنْهُ شَيءٌ عَلَى اللِّسَانِ وَالْجَوَارح وَإِنَّمَا يَظْهَرُ نَقِيضُهُ مِن غَيْرِ خَوْفٍ؟
(١) فمن همّ بالزنى أو السرقة أو غيرها من المحرمات وأرادها وهو قادر عليها ومتمكن منها، لكنه تركها طوعًا: فلا إثم عليه. وهذا هو القسم الثاني.
وإنْ ترك الحسنة أو السيئةَ عجزًا عنها وهو حريصٌ عليها، فكأنه فعلها. وهذا هو القسم الثالث.
(٢) رواه البخاري (٥٠٢٣).
(٣) كما في البخاري بعد روايته للحديث (٥٠٢٤)، حيث قال: "تَفْسِيرُهُ يَسْتَغْنِي بِهِ"؛ أي: يُغنيه ويكفيه، ويشغله عن غيره من الكتب وينفعه في إيمانه ودنياه وآخرته.
(٤) رواه البخاري (٧٥٢٧).