مَعْرِفَتِهِ مَا أُحِبُّ مَعَهُ أَنْ لَا يُعَجَّلَ لِي قَضَاءَهَا؛ لِئَلَّا يَنْصَرِفَ قَلْبِي عَن الدُّعَاءِ. ٢٢/ ٣٨٥
٩٤٥ - قَالَ تَعَالَى: {وَإِذَا مَسَّ الْإِنْسَانَ ضُرٌّ دَعَا رَبَّهُ مُنِيبًا إِلَيْهِ ثُمَّ إِذَا خَوَّلَهُ نِعْمَةً مِنْهُ نَسِيَ مَا كَانَ يَدْعُو إِلَيْهِ مِنْ قَبْلُ} الزمر: ٨؛ أَيْ: نَسِيَ مَا كَانَ يَدْعُو اللهَ إلَيْهِ، وَهُوَ الْحَاجَةُ الَّتِي طَلَبَهَا، فَإِنَّ دُعَاءَهُ كَانَ إلَيْهَا؛ أَيْ: تَوَجُّهُهُ إلَيْهَا، فَهِيَ الْغَايَةُ الَّتِي كَانَ يَقْصِدُهَا.
وإذَا كَانَت "مَا" مَصْدَرَّيةً: كَانَ تَقْدِيرُهُ: نَسِيَ كَوْنَهُ يَدْعُو اللهَ إلَى حَاجَتِهِ.
لَكِنْ عَلَى هَذَا يَبْقَى الضَّمِيرُ فِي "إلَيْهِ" عَائِدًا عَلَى غَيْرِ مَذْكُورٍ، بِخِلَافِ مَا إذَا جُعِلَتْ بِمَعْنَى الَّذِي، فَإِنَّ التَّقْدِيرَ: نَسِيَ حَاجَتَهُ الَّذِي دَعَانِي إلَيْهَا مِن قَبْلُ، فَنَسِيَ دُعَاءَهُ اللهَ الَّذِي كَانَ سَبَبَ الْحَاجَةِ، وَ"إِلَى" حَرْفِ الْغَايَةِ.
فَالسَّائِلُ مَقْصُودُهُ سُؤَالهُ وَإِن حَصَلَ لَهُ مَا هُوَ مَحْئوبُ الرَّبِّ مِن إنَابَتِهِ إلَيْهِ وَمَحَبَّتِهِ وَتَوْبَتِهِ: فَهَذَا بِالْعَرَضِ وَقَد يَدُومُ.
وَالْأغْلَبُ أَنَّهُ لَا يَدُومُ، إلَّا أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ الْمَحْبُوبُ لِلرَّبِّ هُوَ سُؤَالَهُ؛ مِثْل أَنْ يَسْأَلَ اللهَ التَّوْبَةَ وَالْإِعَانَةَ عَلَى ذِكْرِهِ وَشُكْرِهِ وَحُسْنِ عِبَادَتِهِ، فَهُنَا مَطْلُوبُه مَحْبُوبٌ لِلرَّبِّ؛ وَلهَذَا ذَمَّ اللهُ مَن لَمْ يَطْلُبْ إلَّا الدُّنْيَا فِي قَوْلِهِ: {فَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ} البقرة: ٢٠٠. ٢٢/ ٣٨٦ - ٣٨٧
* * *
الدعاء بالبقاء
٩٤٦ - يكره الدعاء بالبقاء لكل أحد؛ لأنه شيء قد فُرغ منه، ونص عليه، وليس لأحدٍ اطلاع على اللوح سوى الله. المستدرك ١/ ١٣٧
* * *