وَأَمَّا الْوَرَعُ فَإِنَّهُ الْإِمْسَاكُ عَمَّا قَد يَضُرُّ، فَتَدْخُلُ فِيهِ الْمُحَرَّمَاتُ وَالشُّبُهَاتُ؛ لِأَنَّهَا قَد تَضُرُّ.
وَأَمَّا الْوَرَعُ عَمَّا لَا مَضَرَّةَ فِيهِ أَو فِيهِ مَضَرَّةٌ مَرْجُوحَةٌ -لِمَا تَقْتَرِنُ بِهِ مِن جَلْبِ مَنْفَعَةٍ رَاجِحَةٍ أَو دَفْعِ مَضَرَّةٍ أخْرَى رَاجِحَةٍ- فَجَهْلٌ وَظُلْمٌ.
وَذَلِكَ يَتَضَمَّنُ ثَلَاثَةَ أَقْسَامٍ لَا يُتَوَرَّعُ عَنْهَا:
أ- الْمَنَافِعُ الْمُكَافِئَةُ.
ب- وَالرَّاجِحَةُ.
ت- وَالْخَالِصَةُ.
كَالْمُبَاحِ الْمَحْضِ، أَو الْمُسْتَحَبِّ، أَو الْوَاجِبِ، فَإِنَّ الْوَرَعَ عَنْهَا ضَلَالَةٌ. ١٠/ ٦١٥ - ٦١٦
١٠٠٣ - الزُّهْدُ مِن بَابِ عَدَمِ الرَّغْبَةِ وَالْإِرَادَةِ فِي الْمَزْهُودِ فِيهِ.
وَالْوَرَعُ مِن بَابِ وُجُودِ النُّفْرَةِ وَالْكَرَاهَةِ لِلْمُتَوَرَّعِ عَنْهُ.
وَانْتِفَاءُ الْإِرَادَةِ إنَّمَا يَصْلُحُ فِيمَا لَيْسَ فِيهِ مَنْفَعَةٌ خَالِصَة أَو رَاجِحَةٌ.
وَأَمَّا وُجُودُ الْكَرَاهَةِ فَإِنَّمَا يَصْلُحُ فِيمَا فِيهِ مَضَرَّةٌ خَالِصَة أَو رَاجِحَةٌ.
فَأَمَّا إذَا فُرِضَ مَا لَا مَنْفَعَةَ فِيهِ وَلَا مَضَرَّةَ أَو مَنْفَعَتُهُ وَمَضَرَّتُهُ سَوَاءٌ مِن كُلِّ وَجْهٍ؛ فَهَذَا لَا يَصْلُحُ أَنْ يُرَادَ وَلَا يَصْلُحُ أَنْ يُكرَهَ فَيَصْلحُ فِيهِ الزُّهْدُ وَلَا يَصلُحُ فِيهِ الْوَرَعُ.
فَظَهَرَ بِذَلِكَ أَنَّ كُلَّ مَا يَصْلُحُ فِيهِ الْوَرَعُ يَصْلُحُ فِيهِ الزُّهْدُ مِن غَيْرِ عَكْسٍ وَهَذَا بَيِّنٌ.
وَبِهَذَا يَتبيَّنُ: أَنَّ الْوَاجِبَاتِ وَالْمُسْتَحَبَّات لَا يَصْلُحُ فِيهَا زُهْدٌ وَلَا وَرَعٌ.
وَأَمَّا الْمُحَرَّمَاتُ وَالْمَكرُوهَاتُ فَيَصْلُحُ فِيهَا الزُّهْدُ وَالْوَرَعُ.
وَأَمَّا الْمُبَاحَاتُ فَيَصْلُحُ فِيهَا الزُّهْدُ دُونَ الْوَرَعِ. ١٠/ ٦١٨ - ٦١٩