التداوي
١١٧٦ - إِنَّ النَّاسَ قَد تَنَازَعُوا فِي التَّدَاوِي هَل هُوَ مُبَاحٌ أَو مُسْتَحَبٌّ أَو وَاجِبٌ؟
وَالتَّحْقِيقُ: أَنَّ مِنْهُ مَا هُوَ محَرَّمٌ وَمِنْهُ مَا هُوَ مَكْرُوة وَمِنْهُ مَا هُوَ مُبَاحٌ وَمِنْهُ مَا هُوَ مُسْتَحَبٌّ.
وَقَد يَكُونُ مِنْهُ مَا هُوَ وَاجِبٌ وَهُوَ: مَا يُعْلَمُ أَنَّهُ يَحْصُلُ بِهِ بَقَاءُ النَّفْسِ لَا بِغَيْرِهِ كَمَا يَجِبُ أَكْلُ الْمَيْتَةِ عِنْدَ الضَّرُورَةِ فَإِنَّهُ وَاجِبٌ عِنْد الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ وَجُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ. ١٨/ ١٢
١١٧٧ - قَالَ -صلى الله عليه وسلم- فِي "الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ": "شِفَاءُ أُمَّتِي فِي شَرْطَةِ مِحْجَمٍ أَو
شَرْبَةِ عَسَلٍ أَو كَيَّةٍ بِنَارٍ، وَمَا أُحِبُّ أَنْ أَكْتَوِيَ" (١) كَانَ مَعْلُومًا أَنَّ الْمَقْصُودَ بِالْحِجَامَةِ إخْرَاجُ الدَّمِ الزَّائِدِ الَّذِي يَضُرُّ الْبَدَنَ، فَهَذَا هُوَ الْمَقْصُودُ، وَخَصَّ الْحِجَامَةَ لِأَنَّ الْبِلَادَ الْحَارَّةَ يَخْرُجُ الدَّمُ فِيهَا إلَى سَطْحِ الْبَدَنِ فَيَخْرُجُ بِالْحِجَامَةِ، فَلِهَذَا كَانَتِ الْحِجَامَةُ فِي الْحِجَازِ وَنَحْوِهِ مِنَ الْبِلَادِ الْحَارَةِ يَحْصُلُ بِهَا مَقْصُودُ اسْتِفْرَاغِ الدَّمِ، وَأَمَّا الْبِلَادُ الْبَارِدَةُ فَالدَّمُ يَغُورُ فِيهَا إلَى الْعُرُوقِ فَيَحْتَاجُونَ إلَى قَطْعِ الْعُرُوقِ بِالْفِصَادِ، وَهَذَا أَمْر مَعْرُوفٌ بِالْحِسِّ وَالتَّجْرِبَةِ. ١٧/ ٤٨٦
١١٧٨ - هَذَا أي: رقية الناس مِن أَفْضَلِ الْأَعْمَالِ، وَهُوَ مِن أَعْمَالِ الْأَنْبِيَاءِ وَالصَّالِحِينَ؛ فَإِنَّهُ مَا زَالَ الأنْبِيَاءُ وَالصَّالِحُونَ يَدْفَعُونَ الشَّيَاطِينَ عَن بَنِي آدَمَ بِمَا أَمَرَ اللّهُ بِهِ وَرَسُولُهُ، كَمَا كَانَ الْمَسِيحُ يَفْعَلُ ذَلِكَ، وَكَمَا كَانَ نَبِيُّنَا -صلى الله عليه وسلم- يَفْعَلُ ذَلِكَ. ١٩/ ٥٦ - ٥٧
١١٧٩ - يَجُوزُ أَنْ يَكْتبَ لِلْمُصَابِ وَغَيْرِهِ مِنَ الْمَرْضَى شَيْئًا مِن كِتَابِ اللّهِ وَذِكْرِه بِالْمِدَادِ الْمُبَاحِ، وَيُغْسَلُ وَيُسْقَى، كَمَا نَصَّ عَلَى ذَلِكَ أَحْمَد وَغَيْرُهُ، قَالَ
(١) البخاري (٥٦٨٣).