وذلك دليل على أن الله تعالى يجيء لفصل القضاء مجيئاً يليق بجلاله، ولا يلزم من ذلك تشبيه بالمحدثات والمركبات، فنعتقد هذه الصفة ولا نقيسها على إتيان مخلوقاته بل يأتي الله تعالى ويجيء كما يشاء، ويفصل بين عباده، ولا ينافي ذلك عظمته وجلاله وكبرياءه وصغر المخلوقات بالنسبة إليه، وما ذاك إلا أنا لا نحيط به علماً، ولا نكيفه، ولا نكيف أية صفة هو عليها، هذا هو القول الحق.
وأما الآيات التي فيها إتيان أمر الله كقوله تعالى: (فأتاهم الله من حيث لم يحتسبوا) (الحشر:٢) ، فالمراد أتاهم الله بعذابه، وذلك لأنه معروف أن الله أرسل إليهم عذاباً؛ وهو الرعب الذي قذفه في قلوبهم، قال تعالى: (وقذف في قلوبهم الرعب يخربون بيوتهم) (الحشر:٢) .
مسألة: بعض أيآت صفة الرضا والمحبة والغضب
والسخط والكراهية والمكر
قوله:
وقوله تعالى: (رضي الله عنهم ورضوا عنه) (البينة:٨) ، وقوله تعالى: (يحبهم ويحبونه) (المائدة:٥٤) ، وقوله تعالى: (وغضب الله عليهم) (الفتح:٦) ، وقوله تعالى: (اتبعوا ما أسخط الله) (محمد:٢٨) ، وقوله تعالى: (كره الله انبعاثهم) (التوبة:٤٦) .
شرح:
ذكرنا أن صفات الله تعالى: صفات ذاتية، وصفات فعلية، وهذه الآيات اشتملت على الصفات الفعلية، وهي التي يتصف بها إذا شاء، ولا تكون ملازمة للذات دائماً بل يتصف بها إذا شاء، ويتصف بضدها أو بغيرها؛ لأنهما ضدان، فعندنا في هذه الآيات الرضا والغضب؛ وفي آيات كثيرة.
مثال الرضا (رضي الله عنهم ورضوا عنه) في عدة سور، وكذا قوله تعالى: (لقد رضي الله عن المؤمنين) (الفتح:١٨) .
ودائماً عندما نذكر الصحابة نقول: رضي الله عنهم، عملاً بقوله تعالى: (والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه) (التوبة:١٠٠) ، فرضا الله تعالى صفة من صفاته، ولكنها صفة فعل، يرضى إذا شاء ويغضب إذا شاء.