وبكل حال فصفة العلو صفة ذاتية، ثم هي أيضاً صفة ثابتة أدلتها متواترة لا مجال لإنكارها إلا مع المكابرة والمعاندة، وقد ذكر العلماء أن الأدلة عليها أنواع كثيرة، وبعض الأنواع أفراده قد تصل إلى عشرين دليلاً أو أكثر، وقد يصل مجموع الأفراد إلى ألف دليل مما يكون سبباً في الاضطرار إلى الإقرار بهذه الصفة، وقد حصرها ابن القيم في واحد وعشرين نوعاً في منظومته النونية الكافية الشافية، ولما قسمها إلى واحد وعشرين نوعاً بدأ بآيات الاستواء.
وآيات الاستواء وردت في سبعة مواضع: في سورة الأعراف، ويونس، والرعد، وطه، والسجدة، والفرقان، وفي سورة الحديد، كلها ذكر فيها الاستواء، وخص الاستواء بالعرش.
وقد ذكر ابن القيم أن هذا إجماع من العلماء من أهل السنة -قال في النونية في الدليل السادس عشر:
هذا وسادس عشرها إجماع أهل العلم، أعني حجة الأزمان
من كل صاحب سنة شهدت له أهل الحديث وشيعة الرحمن
لا عبرةً بمخالف لهم ولو كانوا عديد الشاء والبعران
ثم ذكر تفسيرهم لآيات الاستواء بقوله:
ولهم عبارات عليها أربع قد حصلت للفارس الطعان
وهي استقر، وقد علا، وكذلك ارتفع الذي ما فيه من نكران
وكذاك قد صعد الذي هو رابع وأبو عبيدة صاحب الشيباني
يختار هذا القول في تفسيره أدرى من الجهمي بالقرآن
والأشعري يقول تفسير استوى بحقيقة استولى من البهتان