فوردت في القرآن غير مقيدة بحرف، قال تعالى: (ولما بلغ أشده واستوى) (القصص:١٤) لم يكن بعدها حرف، فتفسر هنا بمعنى الكمال يعني كمل.
كما وردت مقيدة بإلى، ومقيدة بعلى؛ قال تعالى: (ثم استوى إلى السماء وهي دخان) (فصلت:١١) ، (ثم استوى إلى السماء فسواهن) (البقرة:٢٩) هنا قيدت بإلى، وتفسر أيضاً بمعنى ارتفع إليها.
وأما إذا قيدت بعلى فلا خلاف أنها بمعنى العلو، ومنه قوله تعالى: (واستوت على الجودي) (هود:٤٤) يعني ارتفعت عليه واستقرت، وهو جبل رفيع لما نضب الماء استوت السفينة على ذلك الجبل، فهاهنا استقرت وصارت مرتفعة فوقه، وكذلك قوله تعالى: (لتستووا على ظهوره) (الزخرف:١٣) ، وكذلك قوله تعالى: (فاستوى على سوقه) (الفتح:٢٩) يعني ارتفع السنبل على سوقه، فعرفنا أن هذا دليل واضح على أنها إذا قيدت بعلى؛ فهي دالة على الارتفاع، إذاً فهي دليل واضح على أن الله فوق العرش كما وصف نفسه.
أما المعتزلة ونحوهم من النفاة فكبرت عليهم هذه الآية فأولوها بعدة تأويلات:
التأويل الأول: يُقال أن الجهم الذي هو رئيسهم لما قرأ هذه الآية وعنده بعض أصحابه قال: لو تمكنت لمحوت هذه الآية من المصاحف، ولما كانت صريحة في الرد عليهم لم يجدوا بداً من الخوض في تأويلها، وأكثرهم فسر استوى باستولى، واستدلوا ببيت يقول فيه الشاعر:
قد استوى بشر على العراق من غير سيف أو دم مهراق
ولا يدري من الذي قال هذا البيت، وبعضهم يقول: إنه للأخطل، والأخطل نصراني لم يدخل في الإسلام، ولو كان عربياً من بني تغلب، ولعل ذلك هو الذي أراده ابن القيم بقوله في النونية:
ودليلهم في ذاك بيت قاله فيما يقال الأخطل النصراني
وفي لامية شيخ الإسلام ابن تيمية يقول فيها:
قبحٌ لمن نبذ الكتاب وراءه وإذا استدل يقول قال الأخطل