مسألة: إثبات أن القرآن كلام الله حقيقة
وقوله:
ومن كلام الله سبحانه القرآن العظيم، وهو كتاب الله المبين، وحبله المتين، وصراطه المستقيم، وتنزيل رب العالمين، نزل به الروح الأمين على قلب سيد المرسلين، بلسان عربي مبين، مُنزَّلٌ غير مخلوق، منه بدأ وإليه يعود.
شرح:
ولما تكلم على أن الله متكلم ويتكلم، كان ولابد من أن يذكر أمثلة من كلامه الذي وصل إلى البشر، وبلا شك أن من أقرب ذلك هذا القرآن الذي بين أيدينا، الذي هو أعظم وأشرف الكتب المنزلة على الأنبياء، ولا شك أنه كلام الله.
ومعلوم أن الله أنزل على الأنبياء كتباً، أنزل على موسى التوراة، وأنزل على عيسى الإنجيل، وأنزل على داود الزبور، وأنزل على إبراهيم صحفاً كما في قوله: (صحف إبراهيم وموسى) (الأعلى:١٩) ، ولا شك أن ذلك كله من كلام الله الذي تكلم به وضمّنه شريعته، وأمره، ونهيه.
وكان من آخر الكتب هذا الكتاب المبين، وهذا الذكر الحكيم الذي وصفه الله بذلك، وصفه بأنه الذكر الحكيم يعني المحكم، وبأنه القرآن المبين يعني البيّن، ووصفه بالهدى، وبالبيان، وبالشفاء، وبالموعظة، وبصفات تدل على عظمته، وعلى عظم مكانته.
وأخبر بأنه منزل من الله بقوله تعالى: (وإنه لتنزيل رب العالمين * نزل به الروح الأمين * على قلبك لتكون من المنذرين * بلسان عربي مبين) (الشعراء:١٩٢-١٩٥) أنزله الله بلسان عربي حتى يفهمه المُرسل إليهم، قال الله تعالى: (وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه) (إبراهيم:٤) .
فجعل هذا القرآن بلسان النبي صلى الله عليه وسلم: أي بلسان العرب كما أن الكتب المنزلة قبله أنزلها -سبحانه- بألسنة الذين نزلت عليهم، بالسريانية وبها نزل الإنجيل، وبالعبرانية التي هي لسان اليهود، وأما القرآن فإنه بهذه اللغة الفصيحة بلسان العرب، هذا هو قول أهل السنة: أن القرآن منزل غير مخلوق؛ رداً على الذين يقولون إنه مخلوق.