وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (إنكم سترون ربكم كما ترون هذا القمر، لا تضامون في رؤيته) . حديث صحيح متفق عليه.
وهذا تشبيه للرؤية بالرؤية لا للمرئي بالمرئي، فإن الله تعالى لا شبيه له ولا نظير.
شرح:
ثم ذكر من أدلة الرؤية حديث جرير بن عبد الله قال: كنا عند النبي صلى الله عليه وسلم إذ نظر إلى القمر ليلة البدر، فقال: (أما إنكم سترون ربكم كما ترون هذا، لا تضامون -أو لا تضاهون- في رؤيته، فإن استطعتم أن لا تغلبوا على صلاة قبل طلوع الشمس وقبل غروبها) (طه:١٣٠) فأفعلوا ثم قرأ أو (فسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل غروبها) .
فحديث جرير هذا دليل على رؤية المؤمنين لربهم يوم القيامة، ويريد بالصلاتين صلاتي العصر والفجر، أي حافظوا على هاتين الصلاتين لأن المقربين يرون الله بكرة وعشياً، وقد فُسر بذلك أيضاً قوله تعالى: (ولهم رزقهم فيها بكرة وعشياً) (مريك:٦٢) .
وبكل حال فرؤية المؤمنين لربهم من أجل ما أنعم وتفضل به عليهم، هذا هو قول أهل السنة.
وقد استوفى الأئمة الكلام على الرؤية كما في كتاب ابن القيم (حادي الأرواح) الذي كتبه عن أهل الجنة وصفة نعيم الجنة، وفي آخر أبوابه؛ باب في رؤية المؤمنين لربهم، ذكر فيه سبعة أدلة من القرآن وهي:
الدليل الأول: وهو سؤال موسى النظر في قوله تعالى: (رب أرني أنظر إليك) (الأعراف:١٤٣) فهو أعلم بما يجوز على ربه من علماء المعتزلة.
الدليل الثاني: قوله تعالى: (للذين أحسنوا الحسنى وزيادة ولا يرهق وجوههم قتر ولا ذلة) (يونس:٢٦) ، الزيادة ورد في الحديث أنها (النظر إلى وجه الله) ، ولهذا قال تعالى: (ولا يرهق وجوههم قتر ولا ذلة) (يونس:٢٦) ، الحسنى: الجنة، والزيادة: النظر إلى وجه الله، فإذا نظروا إلى وجهه فلا يرهق وجوههم قتر ولا ذلة.