والإرادة الشرعية مذكورة في قوله تعالى: (يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر) (البقرة:١٨٥) ، وفي قوله تعالى: (يريد الله ليبين لكم ويهديكم سنن الذين من قبلكم ويتوب عليكم والله عليم حكيم) (النساء:٢٦) ، (والله يريد أن يتوب عليكم ويريد الذين يتبعون الشهوات أن تميلوا ميلاً عظيماً) (النساء:٢٧) ، (يريد الله أن يخفف عنكم) (النساء:٢٨) .
كل هذه إرادة شرعية، يعني يريد شرعاً وديناً أن يخفف عنكم، يريد شرعاً وديناً أن يتوب عليكم، فمن تاب الله عليه ووفقه كان هذا مراداً شرعاً وديناً، وكوناً وقدراً، ومن لم يتب لم يوافق الإرادة الشرعية حيث إنه أريد منه التوبة فلم يتب، فتجتمع الإرادتان في إيمان المؤمنين لأنهم حققوا الإرادة الشرعية، وتنفرد الإرادة الكونية في كفر الكافرين لأن الله أراد منهم شرعاً وديناً أن يؤمنوا فلم يؤمنوا، وأراد منهم كوناً وقدراً أن يكفروا فكفروا.
وهذا معتقد أهل السنة أن الله تعالى أراد جميع الكائنات، فلا تخرج عن إرادته ولا عن تكوينه، وأن جميع الكائنات حاصلة بقضائه وقدره، وأنه عالم بها.
وأما قوله تعالى: (ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن نبرأها إن ذلك على الله يسير) (الحديد:٢٢) ، هذه الآية تتعلق بنوع من القدر؛ هذا النوع هو علم الله السابق؛ أنه بكل شيء عليم، وأنه عالم بالأشياء قبل وجودها، وبهذا نعرف أن القدر أربع مراتب:
المرتبة الأولى: العلم، وهو العلم السابق قبل وجود الموجودات، علمها قبل وجودها، فكل شيء يوجد فإنه معلوم لله.
المرتبة الثانية: الكتابة؛ كتبها في اللوح المحفوظ، فكل شيء يحدث فإنه مكتوب.
المرتبة الثالثة: الإرادة؛ فإن الله أرادها وشاءها ولابد من وقوع ما شاءه الله.
المرتبة الرابعة: أن الله أوجدها وخلقها وحقق وجودها.