وقال الله تعالى: (فاتقوا الله ما استقطعتم) (التغابن:١٦) ، وقال تعالى: (اليوم تجزى كل نفس بما كسبت لا ظلم اليوم) (غافر:١٧) . فدل على أن للعبد فعلاً وكسباً يُجزى على حسنه بالثواب وعلى سيئه بالعقاب، وهو واقع بقضاء الله وقدره.
شرح:
مسألة القدر انقسم الناس فيها إلى ثلاثة أقسام:
قسم أنكروا قدرة الله، وقسم احتجوا بالقدر، وقسم توسطوا، ولم يجعلوا القدر حجة لهم على المعاصي، ولكنهم يحتجون به على المصائب بعد حدوثها.
القسم الأول: الذين أنكروا قدرة الله هم المعتزلة، وأصول المعتزلة خمسة، ولهم كتاب مطبوع اسمه (الأصول الخمسة) للقاضي عبد الجبار، وأصولهم الخمسة أسماؤها حسنة، ولكن يدخل تحت تلك الأسماء بدع:
الأصل الأول: التوحيد، ويريدون به نفي الصفات.
والأصل الثاني: العدل، ويريدون به نفي قدرة الله على العباد كما سيأتي.
والأصل الثالث: المنزلة بين المنزلتين، ويريدون به إخراج العاصي من الإيمان وعدم إدخاله في الكفر.
والأصل الرابع: إنفاذ الوعيد، ويريدون به تخليد العصاة في النار.
والأصل الخامس: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ويريدون به الخروج على الأئمة العصاة في زعمهم.
فالذي يهمنا هو الأصل الثاني، وهو العدل، فالاسم حسن، قال تعالى: (إن الله يأمر بالعدل) (النحل:٩٠) ، (وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل) (النساء:٥٨) ، ومعروف أن العدل هو التسوية بين الخصمين، والحكم بينهما بحكم وسط لا ظلم فيه ولا جور، ولا ميل مع أحدهما على الآخر كما في قوله تعالى: (اعدلوا هو أقرب للتقوى) (المائدة:٨) .