٢١ - {فَفَرَرْتُ مِنْكُمْ لَمَّا خِفْتُكُمْ}
إلى مدين (١) {فَوَهَبَ لِي رَبِّي حُكْمًا} فهماً وعلماً {وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُرْسَلِينَ}.
٢٢ - {وَتِلْكَ نِعْمَةٌ تَمُنُّهَا عَلَيَّ أَنْ عَبَّدْتَ بَنِي إِسْرَائِيلَ}
اختلف العلماء في تأويلها:
ففسرها بعضهم على الإقرار، وبعضهم على الإنكار.
فمن قال هو إقرار؛ قال: عدها موسى -عليه السلام- نعمة منه عليه حيث ربَّاه ولم يقتله كما قتل سائر الغلمان من بني إسرائيل، ولم يستعبده كما استعبد بني إسرائيل.
ومجاز الآية: وتلك نعمة تمنها عليّ أن عبّدت بني إسرائيل وتركتني فلم تستعبدني، وهذا قول الفراء (٢).
ومن قال: هو إنكار؛ قال: معناه: أوَ تلك نعمةٌ على طريق
(١) مدين بلد بالشام معلوم تلقاء غزة، وهو المذكور في كتاب الله تعالى وبها البئر التي استقى منها موسى -عليه السلام-.
انظر: "معجم ما استعجم" للبكري ٤/ ١٢٠١، "معجم البلدان" لياقوت ٥/ ٧٧. وقد ذكر الله في كتابه سبب فراره إلى مدين قال تعالى: {وَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ يَسْعَى قَالَ يَامُوسَى إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ فَاخْرُجْ إِنِّي لَكَ مِنَ النَّاصِحِينَ (٢٠) فَخَرَجَ مِنْهَا خَائِفًا يَتَرَقَّبُ قَالَ رَبِّ نَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ} القصص: ٢٠ - ٢١.
(٢) وترك ذكر تركتني لدلالة قوله أن عبدت بني إسرائيل عليه والعرب تفعل ذلك اختصاراً للكلام. انظر: "معاني القرآن" للفراء ٢/ ٢٧٩، وقال به مقاتل في "تفسيره" ٣/ ٢٦٠، ورجحه النحاس في "معاني القرآن" ٥/ ٧٣، وقاله الطبري في "جامع البيان" ١٩/ ٦٨، وهو معنى قول مجاهد وابن جريج والسدي.