الأم (أيضاً) : الإقرار والاجتهاد والحكم بالظاهر:
قال الشَّافِعِي رحمه الله: ولم يؤمر الناس أن يتبعوا إلا كتاب اللَّه أو سنة
رسوله - صلى الله عليه وسلم -، الذي قد عصمه الله من الخطأ، وبرَّأه منه، فقال تعالى: (وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ) الآية.
فأما من كان رأيه خطأ أو صواباً فلا يؤمر أحد باتباعه، ومن قال للرجل يجتهد برأيه فيستحسن على غير أصل، فقد أمر
باتباع من يمكن منه الخطأ، وأقامه مقام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الذي فرض اللَّه اتباعه.
فإن كان قائل هذا ممن بعقل ما تكلم به، فتكلم به بعد معرفة هذا، فأرى للإمام أن يمنعه، وإن كان غبياً عُلِّم هذا حتى يرجع.
مختصر المزني: كتاب اختلاف الحديث - المقدمة:
قال الشَّافِعِي رحمه الله: وشهد - اللَّه تعالى - له باتباعه، فقال جل ثناؤه:
(وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (٥٢) صِرَاطِ اللَّهِ) الآيتان.
فأعلمَ اللَّه خلقه أنه يهديهم إلى صراطه.
قال الشَّافِعِي رحمه الله: فتفام سنة رسول اللَّه، مع كتاب الله جل ثناؤه مقام
البيان عن اللَّه عدد فرضه، كبيان ما أراد بما أنزل عامًّا - العام أراد به أو الخاص - وما أنزل فرضاً، وأدباً، وإباحة وإرشاداً، إلا أن شيئاً من سنن رسول اللَّه يخالف كتاب اللَّه في حال؛ لأن اللَّه جل ثناؤه قد أعلم خلقه أن رسوله يهدي إلى صراط مستقيم، صراط الله، ولا أن شيئاً من سنن رسول اللَّه ناسخ لكتاب اللَّه، لأنه قد أعلم خلقه أنه إنما ينسخ القرآن بقرآن مثله، والسنة تبع للقرآن، وقد اختصرت من إبانة السنة عن كتاب اللَّه بعض ما حضرني، مما يدل على مثل معناه إن شاء الله - ثم ذكر أمثلة على ذلك -.