قال الشَّافِعِي رحمه الله: قلت له - أي: للمحاور - أرأيت لو قال لك قائل: أجز في البيع، والقذف، وشهود الزنا غير العدل كما قلت في العتق؛ لأني لم أجد في التنزيل شرط العدل كما وجدته في غير هذه الأحكام، قال: ليس ذلك له، قد يُكتفى بقول اللَّه - عز وجل (ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ) الآية.
فإذا ذكر الشهود فلا يقبلون إلا ذوي عدل، وإن سكت عن ذكر العدل فاجتماعهما في أنهما شهادة يدل على أن لا يقبل فيها إلا العدل.
قلت: هذا كما قلت، فلِمَ لم تقل بهذا؟!
قال الشَّافِعِي رحمه الله: قال - أي: المحاور - فالناس مجتمعون على أن
لا يجيزوا شهادة أهل الأوثان.
قلنا: الذي تحتج بإجماعهم معك من أصحابنا لم يردوا شهادة أهل الأوثان إلا من قول الله - عزَّ وجلَّ: (ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ) والآية
معها، وبذلك رذوا شهادة أهل الذمة، فإن كانوا أخطؤوا فلا نحتج بإجماع
المخطئين معك، وإن كانوا أصابوا فاتبعهم، فقد اتبعوا القرآن، فلم يجيزوا شهادة من خالف دين الإسلام، قال: فإنما شريحاً أجاز شهادة أهل الذمة.
فقلت له: وخالف شريحاً غيره من أهل دار السنة والهجرة والنصرة، فأبوا
إجازة شهادتهم ابن المسيب، وأبو بكر بن حرّم وغيرهما.
الأم (أيضاً) : باب (حكاية قول من ردَّ خبر الخاصة) :
قال الشَّافِعِي رحمه الله: وقال الله: (مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ)
وقال: (ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ) الآية، أفرأيت حاكمين شهد عندهما
شاهدان بأعيانهما، فكانا عند أحد الحاكمين عدلين، وعند الآخر غير عدلين؛