قال الشَّافِعِي رحمه الله تعالى: في قول اللَّه - عز وجل -: (وَلَا يَأْبَ كَاتِبٌ أَنْ يَكْتُبَ كَمَا عَلَّمَهُ اللَّهُ) الآية، دلالة على: أن عليه فيما علمه الله من الكتاب حقاً في منفعة المسلمين، ويحتمل ذلك الحق أن يكون كلما دُعي لحق كتبه لا بد، ويحتمل أن يكون عليه وعلى من هو في مثل حاله، أن يقوم منهم من يكفي حتى لا تكون الحقوق معطلة، لا يوجد لها في الابتداء من يقوم بكفايتها، والشهادة عليها
فيكون فرضاً لازماً على الكفاية، فإذا قام بها من يكفي، أخرج من يتخلف من المأثم، والفضل للكافي على المتخلف، فإذا لم يقم به كان حرج جميع من دُعي إليه، فتخلف بلا عذر.
فلما احتمل هذين المعنيين معاً، وكان في سياق الآية: (وَلَا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا) الآية، كان فيها كالدليل على: أنَّه نهى الشهداء المدعوون كلفم أن
يابوا، قال: (وَلَا يُضَارَّ كَاتِبٌ وَلَا شَهِيدٌ) الآية، فأشبه أن يكون يُحرج من ترك ذلك ضراراً، وفرض القيام بها في الابتداء على الكفاية، وهذا يشبه والله تعالى أعلم ما وصفت من الجهاد، والجنائز، ورد السلام، وقد حفظت عن بعض أهل العلم قريباً من هذا المعنى، ولم أحفظ خلافه عن أحد أذكره منهم.
الأم (أيضاً) : باب (الحجر على البالغين) :
قال الشَّافِعِي رحمه الله تعالى: الحجر على البالغين في آيتين من كتاب الله
. وهما: قول الله تبارك وتعالى: (فَلْيَكْتُبْ وَلْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ وَلَا يَبْخَسْ مِنْهُ شَيْئًا فَإِنْ كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهًا أَوْ ضَعِيفًا أَوْ لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُمِلَّ هُوَ فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ) الآية.