الرسالة: باب (المقدمة)
قال الربيع بن سليمان:
أخبرنا أبو عبد الله محمد بن إدريس:. . . بعثه والناس صنفان:
أحدهما: أهل الكتاب، بدلّوا من أحكامه، وكفروا بالله، فافتعلوا كذباً
صاغوه بألسنتهم، فخلطوه بحق الله الذي أنزل إليهم.
فذكر تبارك وتعالى لنبيه من كفرهم فقال: (وَإِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقًا يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُمْ بِالْكِتَابِ لِتَحْسَبُوهُ مِنَ الْكِتَابِ وَمَا هُوَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَمَا هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ (٧٨) . الآية.
ثم قال: (فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ (٧٩) .
ثانيهما: وصنف كفروا بالله فابتدعوا ما لم يأذن به اللَّه، ونصبوا بأيديهم
حجارة وخُشُباً، وصوراً استحسنوها، ونبذوا أسماء افتعلوها، ودعوها آلهة
عبدوها، فإذا استحسنوا غير ما عبدوا منها ألفوه ونصبوا بأيديهم غيره فعبدوه: فأولئك العرب.
وسلكت طائفة من العجم سبيلهم في هذا، وفي عبادة ما استحسنوا من
حوت ودابة ونجم ونار وغيره.