قال الشَّافِعِي رحمه الله: وهذا الحديث يقطع الشك، وُيبيِّن أنَّ حد الزانيين
كان الحبس، أو الحبس والأذى، فكان الأذى بعد الحبس، أو قبله، وأن أول ما حدَّ اللَّه به الزانيينِ من العقوبة في أبدانهما بعد هذا عند قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:
"قد جعل الله لهن سبيلاً، البكر بالبكر جلد مائة، وتغريب عام" الحديث، والجلد على الزانيين الثيبين منسوخ بأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رجم ماعز بن مالك، ولم يجلده، ورجم المرأة التي بعث إليها أنيساً، ولم يجلدها وكانا ثيبين.
الرسالة: باب (فرض الصلاة الذي دلَّ الكتاب ثم السنة على من تزول عنه
بالعذر) :
قال الشَّافِعِي رحمه الله: بعد أن ذكر قول اللَّه تعالى: (وَاللَّاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِنْ نِسَائِكُمْ) الآية، والتي بعدها، لم ذكر حديث عبادة بن الصامت
عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، وقال: فدلَّت السنة على أن جلد المائة للزانيينِ البكرينِ. . .، وجلد المائة ثابت على البكرين الحرَّين، ومنسوخ عن الثيبين، وأن الرجم ثابت على الثيبين الحرَّين. . .، لنص الحديث، وفعل النبي - صلى الله عليه وسلم - في رجم ماعز ولم يجلده.
وأمر أنيساً أن يغدو على امرأة الأسلمي فإن اعترفت رجمها، دلَّ على نسخ
الجلد عن الزانيين الحرين الثيبين، وثبت الرجم عليهما؛ لأن كلّ شيء أبداً بعد أولِ فهو آخر.
الرسالة ً (أيضاً) : وجه أخر من الناسخ والمنسوخ:
قال الشَّافِعِي رحمه الله: بعد أن ذكر قول اللَّه - عز وجل -: (وَاللَّاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ) الآية، والتي بعدها (أيضاً) ، قال فكان حد الزانيين بهذه الآية الحبس