"اسكت فبئس الخطيب أنت"، ثم قال النبي - صلى الله عليه وسلم -:
"من يطع الله ورسوله فقد رشد ومن يعص الله ورسوله فقد غوى.
ولا تقل ومن يعصهما " الحديث.
قال الشَّافِعِي رحمه الله: فبهذا نقول. فيجوز أن تقول ومن يعص الله
ورسوله فقد غوى، لأنك أفردت معصية اللَّه - عز وجل - وقلت: (ورسوله) استئناف الكلام، وقد قال اللَّه تبارك وتعالى: (أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ) الآية.
وهذا وإن كان في سياق الكلام، استئناف كلام.
ومن أطاع الله فقد أطاع رسوله، ومن عصى اللَّه فقد عصى رسوله، ومن
أطاع رسوله فقد أطاع الله، ومن عصى رسوله فقد عصى الله؛ لأنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عَبدٌ من عباده، قام في خلق الله بطاعة الله، وفرض الله تعالى على عباده طاعته لما وفقه الله تعالى من رشده؛ ومن قال: (ومن يعصهما) كرهت ذلك القول له، حتى يفرد اسم اللَّه - عز وجل -، ثم يذكر بعده اسم الرسول - صلى الله عليه وسلم - لا يذكره إلا منفرداً.
الرسالة: باب (فرض الله طاعة رسولِ الله مقرونةَ بطاعة الله ومذكورة وحدها) :
قال الشَّافِعِي رحمه الله تعالى: وقال الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا) .
فقال بعض أهل العلم: أولو الأمر: أمراء سرايا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والله أعلم - وهكذا أخبرنا، وهو يشبه ما قال - واللَّه أعلم -؛ لأن كل من كان حول مكة من العرب لم يكن يعرف إمارة، وكانت تأنف أن يُعطيَ بعضُها بعضاً طاعة الإمارة.