نزلت هذه الآية فيما بلغنا - واللَّه أعلم - في رجل خاصم الزبير في أرض.
فقضى النبي - صلى الله عليه وسلم - بها للزبير - رضي الله عنه -.
وهذا القضاء سُنَّة من رسول الله، لا حكم منصوص في القرآن، والقرآن
يدلّ - والله أعلم - على ما وصفت؛ لأنه لو كان قضاة بالقرآن كان حكماً
منصوصاً بكتاب اللَّه، وأشبه أن يكونوا إذا لم يُسلموا لحكم كتاب الله نصاً غير مشكل الأمر: أنهَّم ليسوا بمؤمنين، إذا رَدُّوا حكم التنزبل، إذا لم يُسلموا له.
اختلاف الحديث: الجزء الأول:
قال الشَّافِعِي رحمه الله: أبان الله جل ثناؤه لخلقه، أنَّه أنزل كتابه بلسان نبيه.
وهو لسان قومه العرب، فخاطبهم بلسانهم على ما يعرفون من معاني كلامهم، وكانوا يعرفون من معاني كلامهم أنهم يلفظون بالشيء عامًّا يريدون به العام، وعاماً يريدون به الخاص، ثم دلَّهم على ما أراد من ذلك في كتابه، وعلى لسان نبيه - صلى الله عليه وسلم -، وأبان لهم أنَّ ما قبلوا عن نبيه - صلى الله عليه وسلم -، فعنه جل ثناؤه قبلوا بما فرض من طاعة
رسوله في غير موضع من كتابه، منها: (مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ) وقوله: (فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) .
* * *
قال الله عزَّ وجلَّ: (وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ أَوِ اخْرُجُوا مِنْ دِيَارِكُمْ مَا فَعَلُوهُ إِلَّا قَلِيلٌ مِنْهُمْ وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا (٦٦)