قال الشَّافِعِي رحمه الله: أحكم اللَّه فرضه في كتابه في الصلاة والزكاة
والحج، وبين كيف فرضه على لسان نبيه - صلى الله عليه وسلم -، فأخبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن عدد الصلوات المفروضات خمس، وأخبر أن عدد الظهر والعصر والعشاء في الحضر:
أربع، وعدد المغرب ثلاث، وعدد الصبح ركعتان.
قال الشَّافِعِي رحمه الله: قال اللَّه في الصلاة: (إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا) الآية، فبين رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الله - عزَّ وجلَّ تلك المواقيت، وصفى الصلوات لوقتها، فحوصر يوم الأحزاب، فلم يقدر على الصلاة في وقتها، فأخرها للعذر، حتى صلى الظهر والعصر والمغرب والعشاء في مقام واحد.
أخبرنا محمد بن إسماعيل بن أبي فديك، عن ابن أبي ذئب، عن المقبري.
عن عبد الرحمن بن أبي سعيد، عن أبيه قال: حبسنا يوم الخندق عن الصلاة، حتى كان بعد المغرب بهويٍّ من الليل، حتى كفينا، وذلك قول اللَّه: (وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ وَكَانَ اللَّهُ قَوِيًّا عَزِيزًا)
فدعا رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - بلالاً - رضي الله عنه - فأمره، فأقام الظهر فصلاها فأحسن صلاتها، كما كان يصليها في
وقتها، ثم أقام العصر فصلاها هكذا، ثم أقام المغرب فصلاها كذلك، ثم أقام
العشاء فصلاها كذلك أيضاً، قال: وذلك قبل أن يُتزل في صلاة الخوف (فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا) .
الرسالة (أيضاً) : وجه آخر - أى: من الناسخ والمنسوخ -:
قال الشَّافِعِي رحمه الله: قال اللَّه تعالى: (فَإِذَا اطْمَأْنَنْتُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا)
يعني - واللَّه أعلم - فأقيموا الصلاة كما كنتم تُصلون في غير الخوف.