فاحتمل أمر الله - عزَّ وجلَّ بغسل القدمين أن يكون على كل متوضئ، واحتمل أن يكون على بعض المتوضئين دون بعض، فدل مسح رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على الخفين، لأنهما على من لا خفين عليه، إذا هو لبسهما على كمال الطهارة، كما دل صلاة
رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - صلاتين بوضوء واحد، وصلوات بوضوء واحد، على أن فرض الوضوء على من قام إلى الصلاة على بعض القائمين دون بعض، لا أن المسح خلاف لكتاب اللَّه - عز وجل -، ولا الوضوء على القدمين، وكذلك ليست سُنَّة من سنَّته - صلى الله عليه وسلم - بخلافٍ لكتاب الله - عز وجل -.
قال الشَّافِعِي رحمه الله: أخبرنا عبد اللَّه بن نافع، عن داود بن قيس، عن
زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن أسامة بن زيد قال: دخل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وبلال، فذهب لحاجته، ثم توضأ، فغسل وجهه، ثم خرجا قال أسامة فسألت بلالاً ماذا صنع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟
فقال بلال - رضي الله عنه -، ذهب لحاجته ثم توضأ، فغسل
وجهه ويديه، ومسح برأسه، ومسح على الخفين
قال الشَّافِعِي رحمه الله: وفي حديث بلال دليل على أن: "رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مسح على الخفين في الحضر؛ لأن (بئر جمل) في الحضر، قال: فيمسح المسافر والمقيم معاً" الحديث.
الأم (أيضاً) : باب (التراب الذي يتيمم به ولا يتيمم) :
قال الشَّافِعِي رحمه الله: قال اللَّه تبارك وتعالى: (فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا)
وكلّ ما وقع عليه اسم صعيد لم تخالطه نجاسة، فهو صعيد طيب، يُتيمم
به، وكل ما حال عن اسم صعبد لم يتيمم به، ولا يقع اسم صعيد إلا على تراب ذي غبار.