أن: "من توضأ وُضوءه هذا - وكان ثلاثاً - ثم صلى ركعتين لا يحدِّث نفسه
فيهما غُفِرَ له" الحديث.
فأرادوا طلب الفضل في الزيادة في الوضوء، وكانت
الزيادة فيه نافلة.
وغَسَلَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الوضوء المرفقين والكعبين، وكانت الآية محتملة أن يكونا مغسولين، وأن يكون مغسولاً إليهما، ولا يكونان - مغسولين، ولعلهم حَكَؤا الحديث إبانة لهذا أيضاً.
وأشْبَهُ الأمرين بظاهر الآية أن يكونا مغسولين، وهذا بيان السنة مع بيان
القرآن، وسواء البيان في هذا وفيما قبله، ومستغنى بفرضه بالقرآن عند أهل
العلم، ومختلفان عند غيرهم.
الرسالة (أيضاً) : باب (الاستحسان) :
قال الشَّافِعِي رحمه الله: قلتُ: فرض الله الوضوء على من قام إلى الصلاة
من نومه، فقال: (إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ) الآية.
فَقَصَدَ قَصدَ الرجلين، كما قَصَدَ قَصْدَ ما سواهما من أعضاء الوضوء.
فلما مسح رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على الخفين لم يكن لنا - واللَّه أعلم - أن نمسح على عَمامة، ولا برُقع، ولا قُفازين، قياساً عليهما، وأثبتنا الفرض في أعضاء الوضوء كلها، وأرخصنا بمسح النبي - صلى الله عليه وسلم - في المسح على الخفين، دون ما سواهما.