قال الشَّافِعِي رحمه اللَّه: من كان في مثل حال الدارين من الناس، ولا أعلم
الآية تحتمل معنى - غير حمله على ما قال، وإن كان لم يُوضح بعضه؛ لأن الرجلين اللذين كشاهدي الوصية، كانا أميني الميت، فيشبه أن يكون: إذا كان شاهدان منكم، أو من غيركم أمينين على ما شهدا عليه، فطلب ورثة الميت أيمانهما، أحْلِفَا بأنهما أمينان، لا في معنى الشهود.
فإن قال: فكيف تسمى في هذا الوضع شهادة؟
قيل كما سميت أيمان المتلاعنين شهادة، وإنما معنى شهادة بينكم، أيمان
بينكم إذا كان هذا المعنى - واللَّه تعالى أعلم -.
فإن قال قائل فكيف لم تحتمل الشهادة؟
قيل: ولا نعلم المسلمين اختلفوا في
أنه ليس على شاهد يمين، قبلت شهادته أو ردت، ولا يجوز أن يكون إجماعهم خلافاَِ لكتاب اللَّه - عز وجل -، ويشبه قول اللَّه تبارك وتعالى: (فَإِنْ عُثِرَ عَلَى أَنَّهُمَا اسْتَحَقَّا إِثْمًا) الآية.
يوجد - مالٌ - من مال الميت في أيديهما، ولم يذكرا قبل
وجوده أنه في أيديهما، فلما وجد ادعيا ابتياعه، فأحلف أولياء الميت على مال الميت، لما ادعيا حين وجد في أيديهما منه، وإنما أحلفوا أن الدارين أقرَّا بأنه مال الميت فصار مالاً من مال الميت بإقرارهما، وادعيا لأنفسهما شراءه، فلم تقبل دعواهما بلا بينة، فاحلف وارثاه على ما ادعيا، وإن كان أبو سعيد لم يبينه في حديثه هذا التبيين فقد جاء بمعناه:
قال الشَّافِعِي رحمه الله: وليس في هذا رد لليمين، إنَّما كانت يمين الدارين
على ادعاء الورثة من الخيانة، ويمين ورثة الميت على ما ادعى الداريان مما وجد في أيديهما، وأقرَّا أنه للميت، وأنه صار لهما من قبله، وإنما أجزنا رد اليمين من غير هذه الآية.
فإن قال قائل: فإن اللَّه - عز وجل - يقول:
(أَوْ يَخَافُوا أَنْ تُرَدَّ أَيْمَانٌ بَعْدَ أَيْمَانِهِمْ)
فذلك - واللَّه تعالى أعلم - أن الإيمان كانت عليهم بدعوى الورثة، أنهم