فإن قال قائل: كيف كان النبي - صلى الله عليه وسلم - صالح أهل
الحديبية، ومن صالح من المشركين؟
قيل: كان صلحه لهم طاعة لله، إما عن أمر
الله - عز وجل - بما صنع نصا، وإما أن يكون اللَّه تبارك وتعالى جعل له أن يعقد لمن رأى كا رأى، ثم أنزل قضاءه عليه، فصاروا إلى قضاء اللَّه جل ثناؤه، ونسخ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فعله بفعله، بأمر اللَّه، وكل كان طاعة لله في وقته.
فإن قال قائل، وهل لأحد أن يعقد عقداً منسوخاً ثم يفسخه؟
قيل له: ليس له أن يبتدئ عقداً منسوخاً، وإن كان ابتدأه فعليه أن ينقضه، كما ليس له أن يصلي إلى بيت المقدس، ثم يصلي إلى الكعبة؛ لأن قبلة بيت المقدس قد نسخت، ومن صلى إلى بيت المقدس مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قبل نسخها فهو مطيع لله - عز وجل -، كالطاعة له حين
صلى إلى الكعبة.
* * *
قال الله عزَّ وجلَّ: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ إِنْ شَاءَ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (٢٨)
الأم: باب (ممر الجنب والمأثمرك على الأرض ومشيهما عليهما) :
قال الشَّافِعِي رحمه الله: أخبرنا إبراهيم بن محمد، عن عثمان بن أبي سليمان.
أن مشركي قريش حين أتوا المدينة في فداء أسراهم، كانوا يبيتون في المسجد.
منهم جببر بن مطعم، قال جُبير: فكنت أسمع قراءة النبي - صلى الله عليه وسلم - " الحديث.