٢ - صنفاً: يُصنع ذلك بهم إلا أن يعطوا الجزية: (عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ)
فإعطاء الجزية - يؤخذ من الكفار صَغاراً - إذا لزمهم، فهو صنف من
العبودية، فلا يجوز أن يكون من كان خَوَلاً للمسلمين في حال أو كان خولاً
لهم بكل حال، إلا أن يؤدي جزية فيكون كالعبد المُخارج في بعض حالاته كفؤاً للمسلمين.
الأم (أيضاً) باب (ما ملكه الناس من الصيد)
قال الشَّافِعِي رحمه الله: فحلال اللَّه تعالى لجميع خلقه، وحرامه عليهم
واحد، وكذلك هو في الخمر والخنزير وثمنهما محرمان على النصراني، كهو على المسلم.
فإن قال قائل: فلم لا تقول: إن ثمن الخمر والخنزير حلال لأهل الكتاب، وأنت لا تمنعهم من اتخاذه والتبايع به؟
قيل: قد أعلمنا اللَّه - عز وجل - أنهم لا يؤمنون به ولا باليوم الآخر، ولا يحرمون ما حرم اللَّه ورسوله إلى قوله: (وَهُمْ صَاغِرُونَ) الآية.
قال الشَّافِعِي رحمه الله: فكيف يجوز لأحد عَقَلَ عن اللَّه - عز وجل - أن يزعم: أنها لهم حلال، وقد أخبرنا اللَّه تعالى أنهم: لا يحرمون ما حرم اللَّه ورسوله؛ فإن قال قائل: فأنت تقرُّهم عليها؟
قلت: نعم، وعلى الشرك بالله؛ لأن اللَّه - عز وجل - أذن
لنا أن نقرهم على الشرك به، واستحلالهم شربها (أي: الخمر) وتركهم دين
الحق بأن نأخذ منهم الجزية، قوة لأهل دينه، وحجة الله تعالى عليهم قائمة،