قال الله عزَّ وجلَّ: (وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا (٢٣) إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ)
الأم: الاستثناء في اليمين:
قيل للشافعي رحمه الله: فإنا نقول في الذي يقول: والله لا أفعل كذا وكذا
إن شاء الله، أنه إن كان أراد بذلك الثُّنيا، فلا يمين عليه ولا كفارة إن فعل.
وإن لم يرد بذلك الثنيا وإنَّما قال ذلك؛ لقول الله - عزَّ وجلَّ -: (وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا (٢٣) إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ) الآيتان.
أو قال ذلك سهواً، أو استهتاراً، فإنه لا ثنيَا - عليه - وعليه الكفارة إن حنث، وهو قول مالك رحمه الله تعالى، وأنه إن حلف فلما فرغ من يمينه نسَّق الثنيا بها، أو تدارك اليمين بالاستثناء بعد انقضاء يمينه ولم يَصل الاستثناءَ باليمين، فإنه إن كان نسقاً بها تباعاً، فذلك له استثناء، وإن كان بين ذلك صُمَاتٌ فلا استثناء له.
قال الشَّافِعِي رحمه الله: من قال: والله، أو حلف بيمين ما كانت بطلاق أو
عتاق، أو غيره، أو أوجب على نفسه شيئاً، ثم قال إن شاء الله موصولاً بكلامه، فقد استثنى، ولم يقع عليه شيء من اليمين وإن حنث، والوصل أن يكون كلامه نسَقاً، وإن كان بينه سكتة كسكتة الرجل بين الكلام للتذكر، أو العي، أو النفس، أو انقطاع الصوت، ثم وصل الاستثناء فهو موصول، وإنَّما القطع أن يحلف، ثم يأخذ في كلام ليس من اليمين من أمر أو نهي أو غيره، أو يسكت السكات الذي يبين أنه يكون قطعاً، فإذا قطع ثم استثنى لم يكن له الاستثناء.