وقال للشافعي رحمه الله يوماً: أي أفضل الصبر أو المحنة، أو التمكين؟
فقال الشَّافِعِي رحمه الله: التمكين درجة الأنبياء، ولا يكون التمكين إلا بعد المحنة، فإذا امتحن صبر، وإذا صبر مُكِّن، ألا ترى أن الله - عزَّ وجلَّ امتحن إبراهيم عليه السلام ثم مَكنه، وامتحن موسى عليه السلام ثم مَكنه، وامتحن أيوب عليه السلام ثم مَكنه، وامتحن سليمان عليه السلام ثم مَكنه وآتاه ملكاً، والتمكين أفضل الدرجات.
قال الله عزَّ وجلَّ: (وَكَذَلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ)
وأيوب عليه السلام بعد المحنة العظيمة مُكن، قال الله تعالى: (وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ) الآية.
قال الغزالي رحمه الله فهذا الكلام من الشَّافِعِي رحمه اللَّه يدل على تبحره
في أسرار القرآن، واطلاعه على مقامات السائرين إلى الله تعالى من الأنبياء
والأولياء.
* * *
قال الله عزَّ وجلَّ: (إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى أُولَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ (١٠١)
الرسالة: باب (بيان ما نزل من الكتاب عام الظاهر يراد به كله الخاص)
قال الشَّافِعِي رحمه الله: وقال الله جل ثناؤه: (وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ) الآية، فدل كتاب اللَّه على أنه إنَّما وقودها بعض الناس، لقوله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى أُولَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ) .