هذا كما قال اللَّه - عز وجل -؛ لأن اللَّه حكم في الزنا بأربعة، فإذا قذف رجل رجلاً بالزنا، لم يخرجه من الحدِّ إلا أن يقيم عليه بينة بأنه زان، ولا يكون عليه بينة تقطع أقل من أربعة، وما لم يتمُّوا أربعة فهو قاذف يحد، وإنما أريد بالأربعة أن يثبت عليه الزنا، فيخرج من ذلك القاذف، ويحد المشهود عليه (المقذوف)
وحكمهم معاً حكم شهود الزنا؛ لأنهن شهادات على الزنا لا على القذف.
فإذا قام على رجل شاهدان بأنه قذف رجلاً حُدَّ؛ لأنه لم يذكر عدد شهود
القذف فكان قياساً على الطلاق وغيره مما وصفت، ولا يخرج من أن يحد له إلا بأربعة شهداء يثبنون الزنا على المقذوف فيحد، ويكون هذا صادقاً في الظاهر، واللَّه تعالى الموفق.
الأم (أيضاً) : باب (شهادة القاذف) :
قال الشافعي رحمه الله: قال اللَّه تبارك وتعالى: (وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (٤) إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا) الآيتان.
قال الشَّافِعِي رحمه الله: فأمر اللَّه - عز وجل - أن يضرب القاذف ثمانين، ولا تقبل له شهادة أبداً، وسماه فاسقاً إلا أن يتوب.
فقلنا: يلزم أن يضرب ثمانين، وأن لا تقبل له شهادة، وأن يكون عندنا في
حال من سُمي بالفسق إلا أن يتوب، فإذا تاب قبلت شهادته، وخرج من أن
يكون في حال من سُمِّي بالفسق.
قال الشَّافِعِي رحمه الله: وتوبته إكذابه نفسه، فإن قال قائل: فكيف تكون
التوبة الإكذاب؟!
قيل له: إنما كان في حدِّ المذنبين بأن نطق بالقذف وترك الذنب