قال الشَّافِعِي رحمه الله: فلما قال الله عزَّ وجلَّ: (إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا) الآية.
كان أظهر معانيها بدلالة ما استدللنا به من الكتاب:
١ - قوة على اكتساب المال.
٢ - وأمانة؛ لأنه قد يكون قوياً فيكسب، فلا يؤدي إذا لم يكن ذا أمانة.
وأميناً فلا يكون قوياً على الكسب فلا يؤدي.
قال الشَّافِعِي رحمه الله: ولا يجوز عندي - واللَّه تعالى أعلم - في قوله:
(إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا) إلا هذا.
ثم قال: والعبد والأمة البالغان في هذا سواء كانا ذوي صنعة أو غير - ذي
صنعة، إذا كان فيهما قوة على الاكتساب والأمانة - وبسط الكلام في ذلك -.
الأم (أيضاً) : ما يجب على الرجل يكاتب عبده قوياً أميناً:
قال الشَّافِعِي رحمه الله: وفي قول اللَّه - عز وجل -: (وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتَابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا) الآية.
دلالة على أنه إنما أذن أن يكاتب من يعقل.
لا من لا يعقل، فأبطلت أن تبتغي الكتاب من صبي ولا معتوه ولا غير بالغ
بحال، وإنَّما أبطلنا كتابة غير البالغين والمغلوبين على عقولهم، كاتبوا عن أنفسهم.
أو كاتب عنهم غيرهم، بهذه الآية.
الأم (أيضاً) : ما يعتق به المكاتب:
قال الشَّافِعِي رحمه الله: فإن قال قائل: فإن اللَّه - عز وجل - يقول: (فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا) الآية.
قيل: هذا مما أحكم اللَّه - عز وجل - جملته، إباحة الكتابة
بالتنزيل فيه، وأبان أن إعتاق العبد إنما يكون بإعتاق سيده إياه.