١٢٨ - وَمَنْ إِذَا شَارَكَ أَهْلَ الْحِفْظِ
وَافَقَهُمْ إِلَّا بِنَقْصِ لَفْظِ ... ١٢٩ - فَإِنْ يُقَلْ فَالْمُسْنَدُ الْمُعْتَمَدُ
فَقُلْ دَلِيلَانِ بِهِ يَعْتَضِدُ ... ١٣٠ - وَرَسَمُوا مُنْقَطِعًا عَنْ رَجُلِ
وَفِي الْأُصُولِ نَعْتُهُ بِالْمُرْسَلِ ... ١٣١ - أَمَّا الَّذِي أَرْسَلَهُ الصَّحَابِي
فَحُكْمُهُ الْوَصْلُ عَلَى الصَّوَابِ.
مَعْنَى الْمُرْسَلِ لُغَةً : وَجَمْعُهُ " مَرَاسِيلُ " بِإِثْبَاتِ الْيَاءِ وَحَذْفِهَا أَيْضًا، وَأَصْلُهُ كَمَا هُوَ حَاصِلُ كَلَامِ الْعَلَائِيِّ: مَأْخُوذٌ مِنَ الْإِطْلَاقِ، وَعَدَمِ الْمَنْعِ ; كَقَوْلِهِ تَعَالَى: إِنَّا أَرْسَلْنَا الشَّيَاطِينَ عَلَى الْكَافِرِينَ مَرْيَمَ: ٨٣ ; فَكَأَنَّ الْمُرْسِلَ أَطْلَقَ الْإِسْنَادَ، وَلَمْ يُقَيِّدْهُ بِرَاوٍ مَعْرُوفٍ، أَوْ مِنْ قَوْلِهِمْ: نَاقَةٌ مِرْسَالٌ، أَيْ: سَرِيعَةُ السَّيْرِ ; كَأَنَّ الْمُرْسِلَ أَسْرَعَ فِيهِ عَجِلًا، فَحَذَفَ بَعْضَ إِسْنَادِهِ.
قَالَ كَعْبٌ:
أَمْسَتْ سُعَادُ بِأَرْضٍ لَا يُبَلِّغُهَا ... إِلَّا الْعِتَاقُ النَّجِيبَاتُ الْمَرَاسِيلُ.
أَوْ مِنْ قَوْلِهِمْ: جَاءَ الْقَوْمُ أَرْسَالًا، أَيْ: مُتَفَرِّقِينَ ; لِأَنَّ بَعْضَ الْإِسْنَادِ مُنْقَطِعٌ مِنْ بَقِيَّتِهِ.
مَعْنَى الْمُرْسَلِ اصْطِلَاحًا : وَأَمَّا فِي الِاصْطِلَاحِ فَـ (مَرْفُوعُ) أَيْ: مُضَافٌ (تَابِعٍ) مِنَ التَّابِعِينَ إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالتَّصْرِيحِ أَوِ الْكِنَايَةِ (عَلَى الْمَشْهُورِ) عِنْدَ أَئِمَّةِ الْمُحَدِّثِينَ (مُرْسَلٌ) كَمَا نَقَلَهُ الْحَاكِمُ وَابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ عَنْهُمْ، وَاخْتَارَهُ الْحَاكِمُ وَغَيْرُهُ، وَوَافَقَهُمْ جَمَاعَةٌ مِنَ الْفُقَهَاءِ وَالْأُصُولِيِّينَ.
وَعَبَّرَ عَنْهُ بَعْضُهُمْ كَالْقَرَافِيِّ فِي التَّنْقِيحِ بِإِسْقَاطِ الصَّحَابِيِّ مِنَ السَّنَدِ، وَلَيْسَ بِمُتَعَيِّنٍ فِيهِ، وَنَقَلَ الْحَاكِمُ تَقْيِيدَهُمْ لَهُ