وَتَبِعَهُ غَيْرُهُ مِنَ الْأُصُولِيِّينَ فِيهِ.
وَيُخَالِفُهُ قَوْلُ ابْنِ النَّفِيسِ: مَنْ تَشَدَّدَ فِي الْحَدِيثِ وَتَسَاهَلَ فِي غَيْرِهِ فَالْأَصَحُّ أَنَّ رِوَايَتَهُ تُرَدُّ، قَالَ: لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ إِنَّمَا تَشَدَّدَ فِي الْحَدِيثِ لِغَرَضٍ، وَإِلَّا لَلَزِمَ التَّشَدُّدُ مُطْلَقًا، وَقَدْ يَتَغَيَّرُ ذَلِكَ الْغَرَضُ أَوْ يَحْصُلُ بِدُونِ تَشَدُّدٍ، فَيَكْذِبُ - انْتَهَى.
إِلَّا أَنْ يُحْمَلَ عَلَى التَّسَاهُلِ فِيمَا هُوَ حُكْمٌ فِي الدِّينِ، وَلَمْ يَنْفَرِدِ ابْنُ النَّفِيسِ بِهَذَا، بَلْ سَبَقَهُ إِلَيْهِ الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ ; لِأَنَّهُ قَدْ يَجُرُّ إِلَى التَّسَاهُلِ فِي الْحَدِيثِ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَحَلُّ الْخِلَافِ فِي تَسَاهُلٍ لَا يُفْضِي إِلَى الْخُرُوجِ عَنِ الْعَدَالَةِ، وَلَوْ فِيمَا يَكُونُ بِهِ خَارِمًا لِلْمُرُوءَةِ، فَاعْلَمْهُ.
أَمَّا مَنْ لَمْ يَكْثُرْ شُذُوذُهُ وَلَا مَنَاكِيرُهُ، أَوْ كَثُرَ ذَلِكَ مَعَ تَمْيِيزِهِ لَهُ وَبَيَانِهِ، أَوْ حَدَّثَ مَعَ اتِّصَافِهِ بِكَثْرَةِ السَّهْوِ مِنْ أَصْلٍ صَحِيحٍ، بِحَيْثُ زَالَ الْمَحْذُورُ فِي تَحْدِيثِهِ مِنْ حِفْظِهِ فَلَا، وَكَذَا إِذَا حَدَّثَ سَيِّئُ الْحِفْظِ عَنْ شَيْخٍ عُرِفَ فِيهِ بِخُصُوصِهِ بِالضَّبْطِ وَالْإِتْقَانِ، كَإِسْمَاعِيلَ بْنِ عَيَّاشٍ ; حَيْثُ قُبِلَ فِي الشَّامِيِّينَ خَاصَّةً دُونَ غَيْرِهِمْ.
عَلَى أَنَّ بَعْضَ الْمُتَأَخِّرِينَ تَوَقَّفَ فِي رَدِ مَنْ كَثُرَتِ الْمَنَاكِيرُ وَشَبَهُهَا فِي حَدِيثِهِ ; لِكَثْرَةِ وُقُوعِ ذَلِكَ فِي حَدِيثِ كَثِيرٍ مِنَ الْأَئِمَّةِ، وَلَمْ تُرَدْ رِوَايَتُهُمْ.
وَلَكِنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ الْمُرَادَ مَنْ كَثُرَ ذَلِكَ فِي رِوَايِاتِهِ مَعَ ظُهُورِ إِلْصَاقِ ذَلِكَ بِهِ لِجَلَالَةِ بَاقِي رِجَالِ السَّنَدِ.
(ثُمَّ إِنْ بُيِّنْ لَهُ) بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَنُونٍ سَاكِنَةٍ مُدْغَمَةٍ فِي اللَّامِ ; أَيِ: الرَّاوِي الَّذِي سَهَا أَوْ غَلَطَ وَلَوْ مَرَّةً (غَلَطُهُ فَمَا رَجَعْ) عَنْ خَطَئِهِ، بَلْ أَصَرَّ عَلَيْهِ (سَقَطَ