إِدْلَالِهِمْ بِالصَّنْعَةِ وَتَقَدُّمِهِمْ فِي الْكِتَابَةِ يَكْتَفُونَ بِالْإِشَارَةِ وَيَقْتَصِرُونَ عَلَى التَّلْوِيحِ، وَيَرَوْنَ الْحَاجَةَ إِلَى اسْتِيفَاءِ شُرُوطِ الْإِبَانَةِ تَقْصِيرًا.
قَالَ: وَإِنْ كَانَ كُلُّ ذَلِكَ فِي كُتُبِ الْعِلْمِ مُسْتَقْبَحًا (كَمَا) أَنَّهُ (شَرُّ الْقِرَاءَةِ إِذَا مَا) ; أَيْ: إِذَا (هَذْرَمَا) بِالْمُعْجَمَةِ ; أَيْ: أَسْرَعَ بِحَيْثُ يَخْفَى السَّمَاعُ.
فَقَدْ رَوَى الْخَطِيبُ فِي جَامِعِهِ مِنْ طَرِيقِ أَبِي مُحَمَّدِ بْنِ دُرُسْتُوَيْهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ الدَّيْنَوَرِيِّ فِيمَا حَكَاهُ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَنَّهُ قَالَ: " شَرُّ الْكِتَابَةِ الْمَشْقُ، وَشَرُّ الْقِرَاءَةِ الْهَذْرَمَةُ، وَأَجْوَدُ الْخَطِّ أَبْيَنُهُ ".
وَعِنْدَهُ أَيْضًا عَنْ عَلِيٍّ قَالَ: " الْخَطُّ عَلَامَةٌ، فَكُلَّمَا كَانَ أَبْيَنَ كَانَ أَحْسَنَ " وَعَنِ ابْنِ قُتَيْبَةَ أَيْضًا عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْعَبَّاسِ قَالَ: وَزْنُ الْخَطِّ وَزْنُ الْقِرَاءَةِ، أَجْوَدُ الْقِرَاءَةِ أَبْيَنُهَا، وَأَجْوَدُ الْخَطِّ أَبْيَنُهُ.
تَحْقِيقُ الْخَطِّ وَتَحْسِينُهُ :
وَحِينَئِذٍ فَيُسْتَحَبُّ لَهُ تَحْقِيقُ الْخَطِّ، وَهُوَ أَنْ يُمَيِّزَ كُلَّ حَرْفٍ بِصُورَتِهِ الْمُمَيِّزَةِ لَهُ بِحَيْثُ لَا تَشْتَبِهُ الْعَيْنُ الْمَوْصُولَةُ بِالْفَاءِ أَوِ الْقَافِ، وَالْمَفْصُولَةُ بِالْحَاءِ أَوِ الْخَاءِ.
وَقَدْ قَالَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لِكَاتِبِهِ: " أَطِلْ جِلْفَةَ قَلَمِكَ، وَأَسْمِنْهَا، وَأَيْمِنْ قِطَّتَكَ وَحَرِّفْهَا، وَأَسْمِعْنِي طَنِينَ النُّونِ، وَخَرِيرَ الْخَاءِ، أَسْمِنِ الصَّادَ، وَعَرِّجِ الْعَيْنَ، وَاشْقُقِ الْكَافَ، وَعَظِّمِ الْفَاءَ، وَرَتِّلِ اللَّامَ، وَاسْلُسِ الْبَاءَ وَالتَّاءَ وَالثَّاءَ، وَأَقِمِ