الْحُكْمُ وَالْحَدِيثُ.
وَابْنُ الْمُبَارَكِ وَرَوَاهُ نَازِلًا عَنِ الَّذِي أَخَذَ مِنْهُ الْكِتَابَ مِنْ رُفَقَائِهِ عَنْ ذَاكَ الشَّيْخِ فَإِنَّهُ قَالَ: سَمِعْتُ أَنَا وَغُنْدَرٌ حَدِيثًا مِنْ شُعْبَةَ، فَبَاتَتِ الرُّقْعَةُ عِنْدَ غُنْدَرٍ، فَحَدَّثْتُ بِهِ عَنْ غُنْدَرٍ، عَنْ شُعْبَةَ. وَهُوَ شَبِيهٌ بِمَنْ كَانَ يَرْوِي عَنْ تِلْمِيذِهِ عَنْ نَفْسِهِ مَا نَسِيَ أَنَّهُ حَدَّثَ التِّلْمِيذَ بِهِ فِي آخَرِينَ.
وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ (إِنْ يَغِبْ) الْكِتَابُ عَنْهُ غَيْبَةً طَوِيلَةً فَضْلًا عَنْ يَسِيرَةٍ، بِإِعَارَةٍ أَوْ ضَيَاعٍ أَوْ سَرِقَةٍ، (وَغَلَبَتْ) عَلَى الظَّنِّ (سَلَامَتُهُ) مِنَ التَّغْيِيرِ وَالتَّبْدِيلِ (جَازَتْ لَدَى) ; أَيْ: عِنْدَ (جُمْهُورِهِمْ) كَيَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْقَطَّانِ وِفُضَيْلِ بْنِ مَيْسَرَةَ وَغَيْرِهِمَا مِنَ الْمُحَدِّثِينَ كَمَا حَكَاهُ الْخَطِيبُ وَجَنَحَ إِلَيْهِ.
(رِوَايَتُهْ) لَا سِيَّمَا إِذَا كَانَ مِمَّنْ لَا يَخْفَى عَلَيْهِ فِي الْغَالِبِ إِذَا غُيِّرَ ذَلِكَ أَوْ شَيْءٌ مِنْهُ ; لِأَنَّ بَابَ الرِّوَايَةِ مَبْنِيٌّ عَلَى غَلَبَةِ الظَّنِّ، فَإِذَا حَصَلَ أَجْزَأَ، وَلَمْ يُشْتَرَطْ مَزِيدٌ عَلَيْهِ.
قَالَ الْخَطِيبُ: (وَهَكَذَا الْحُكْمُ فِي الرَّجُلِ يَجِدُ سَمَاعَهُ فِي كِتَابِ غَيْرِهِ) ، وَقَدْ قَالَ أَحْمَدُ: إِنَّهُ لَا بَأْسَ بِهِ إِذَا عَرَفَ الْخَطَّ.
وَقَيَّدَهُ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ الطَّبَرِيُّ بِأَنْ يُعْرَفَ الشَّيْخُ، وَذَلِكَ أَنَّ الْخَطِيبَ سَأَلَهُ عَمَّنْ وَجَدَ سَمَاعَهُ فِي كِتَابٍ مِنْ شَيْخٍ قَدْ سُمِّيَ وَنُسِبَ فِي الْكِتَابِ غَيْرَ أَنَّهُ لَا يَعْرِفُهُ ; أَيِ: الشَّيْخَ، فَقَالَ: لَا تَجُوزُ لَهُ رِوَايَةُ ذَلِكَ الْكِتَابِ.
الِاخْتِلَافُ فِي صِحَّةِ رِوَايَةِ الْأَعْمَى وَالْأُمِّيِّ :
(كَذَلِكَ الضَّرِيرُ) أَيِ: الْأَعْمَى (وَالْأُمِّيُّ) ; أَيِ: الَّذِي لَا يَكْتُبُ، اللَّذَانِ (لَا يَحْفَظَانِ) حَدِيثَهُمَا مِنْ فَمِ مَنْ حَدَّثَهُمَا، تَصِحُّ رِوَايَتُهُمَا حَيْثُ (يَضْبِطُ الْمَرْضِيُّ) الثِّقَةُ لَهُمَا (مَا سَمِعَا) ثُمَّ يَحْفَظُ كُلٌّ مِنْهُمَا كِتَابَهُ عَنِ التَّغْيِيرِ بِحَسَبِ حَالِهِ، وَلَوْ بِثِقَةٍ غَيْرِهِ إِلَى أَنْ يُؤَدِّيَ، مُسْتَعِينًا حِينَ الْأَدَاءِ أَيْضًا بِثِقَةٍ فِي الْقِرَاءَةِ مِنْهُ عَلَيْهِ، بِحَيْثُ يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ سَلَامَتُهُ مِنَ الزِّيَادَةِ