مُلُوكِهِمْ أَرَادَ أَنْ يُقْرَأَ عِنْدَهُ (صَحِيحُ الْبُخَارِيِّ) فَلَمْ يَجِدْ فِي مَمْلَكَتِهِ مَنْ يُحْسِنُ ذَلِكَ، فَاجْتَمَعَ عُلَمَاءُ ذَلِكَ الْمِصْرِ عَلَى قِرَاءَتِهِ، وَصَارَ يَقَعُ مِنْهُمْ مِنَ التَّحْرِيفِ فِي الْأَسْمَاءِ وَاللُّغَاتِ مَا لَا يُحْصَى.
ثَانِيهِمَا: حِفْظُ السُّنَّةِ مِنْ أَعْدَائِهَا الْمُدْخِلِينَ فِيهَا مَا لَيْسَ مِنْهَا، فَقَدِ اقْتَحَمَ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ أَمْرًا عَظِيمًا، وَنَسَبُوا إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا يَنْبُو السَّمْعُ عَنْهُ، فَلَوْلَا أَنَّ اللَّهَ حَفِظَ الشَّرِيعَةَ بِنُقَّادِ الْحَدِيثِ لَاضْمَحَلَّ الدِّينُ وَتَهَدَّمَتْ أَرْكَانُهُ، وَلَوْلَا بَقَايَا مِنْ عُلَمَاءِ الْحَدِيثِ لَوَقَعَ مِنَ الْكَذِبِ عَلَيْهِ وَالتَّحْرِيفِ لِكَلَامِهِ مَا اللَّهُ بِهِ عَالِمٌ.
وَيُسْتَحَبُّ أَنْ تَكُونَ الرِّوَايَةُ بَعْدَ الْعَمَلِ بِالْمَرْوِيِّ، لِقَوْلِ الثَّوْرِيِّ: تَعَلَّمُوا هَذَا الْحَدِيثَ، فَإِذَا عَلِمْتُمُوهُ فَتَحَفَّظُوهُ، فَإِذَا حَفِظْتُمُوهُ فَاعْمَلُوا بِهِ، فَإِذَا عَمِلْتُمْ بِهِ فَانْشُرُوهُ. بَلْ يُرْوَى فِي الْمَعْنَى مِمَّا هُوَ مَرْفُوعٌ ( «مِنَ الصَّدَقَةِ أَنْ يَتَعَلَّمَ الرَّجُلُ الْعِلْمَ فَيَعْمَلَ بِهِ ثُمَّ يُعَلَّمَهُ» ) .
التَّوَضِي وَالْغَسْلُ وَالْآدَابُ الْأُخْرَى عِنْدَ التَّحْدِيثِ :
(ثُمَّ) عِنْدَ إِرَادَتِكَ نَشْرَ الْحَدِيثِ بِالنِّيَّةِ الصَّحِيحَةِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى (تَوَضَّأْ) وُضُوءَكَ لِلصَّلَاةِ، (وَاغْتَسِلْ) اغْتِسَالَكَ مِنَ الْجَنَابَةِ بِحَيْثُ تَكُونُ عَلَى طَهَارَةٍ كَامِلَةٍ، وَتَسَوَّكْ، وَقُصَّ أَظْفَارِكَ، وَخُذْ شَارِبَكَ، (وَاسْتَعْمِلْ) مَعَ ذَلِكَ (طِيبًا) وَبَخُورًا فِي بَدَنِكَ وَثِيَابِكَ، فَقَدْ قَالَ أَنَسٌ: ( «كُنَّا نَعْرِفُ خُرُوجَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِرِيحِ الطِّيبِ» ) .
وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: ( «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْتَجْمِرْ بِالْأَلُوَّةِ غَيْرَ الْمُطَرَّاةِ وَكَافُورٍ يَطْرَحُهُ مَعَهَا» ) .
(وَ) كَذَا اسْتَعْمِلْ مَعَهُ (تَسْرِيحًا) لِلِحْيَتِكَ وَتَمْشِيطًا لِشَعْرِكَ إِنْ كَانَ، بِأَنْ تُرْسِلَهُ وَتَحُلَّهُ قَبْلَ الْمَشْطِ ; لِمَا