والأظهَرُ: عدَمُ جوازِه إلَّا في حالَيْنِ:
الأولى: عندَ البِناءِ بزَوْجة، فإنْ كانَت ثَيِّبًا، مكَثَ عندَها ثلاثًا في أوَّلِ البِنَاء، وإن كانَتْ بكرًا، مكَثَ عندَها سبعًا في أوَّلِ البناء، ثمَّ يعودُ لنَسَائِه، والجمهورُ: أنَّه يعود لهن بلا حِسابٍ، كما فعَلَ معَ الزَّوْجةِ الجديدة؛ خلافًا لأبي حنيفةَ في أنَّه يعودُ إليهنَّ بحسابٍ؛ مستدلًّا بعمومِ العدلِ بينَ الزَّوْجاتِ في القَسْمِ.
واستدَلَّ مَن قال بقولِه بحديثِ أمِّ سلَمةَ؛ أن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قال لها: (إِن شِئْتِ سَبَّعْتُ لَك، وَإنْ سَبَّعتُ لَك، سَبَّعْتُ لِنِسَائِي)؛ رواهُ مسلمٌ (١).
وأبو حنيفةَ وأصحابة لا يَرَوْنَ الفرقَ بينَ البكرِ والثيِّب في الإقامةِ عندَهما، ومحمدُ بن الحسَنِ يَستدِلُّ بحديثِ أمِّ سلَمةَ هذا، ولا دليلَ فيه؛ فهو فيه أن لها الثلاثَ، والتسبيعُ زائدٌ، لأنَّها ثيِّبٌ، فيَجِبُ تَبَعًا معه العدلُ، وهو قضاء السَّبْعِ كلِّها، لا قضاءُ الأربعِ الزَّائدةِ على الثلاثِ؛ لأنَّ تتابُع السبعِ مؤثِّرٌ، بخلافِ تتابعِ الثَّلاثِ؛ فهوَ أخفُّ.
وما رواهُ الدَّارَقطنيُّ في هذا الحديتِ: "إِنْ شِئْتِ أَقَمْتُ مَعَكِ ثَلَاثًا خَالِصَةً لَك، وَإِن شِئْتِ سَبَّعتُ لَكِ ثُمَّ سَبَّعْتُ لِنِسَائِي)، قالت: تُقِيمُ مَعِي ثلَاثًا خَالِصَةً (٢)؛ لا يصِحُّ، وفيه الواقديُّ، وهو منكَرُ الحديثِ.
وحديث أم سلَمةَ في مسلِمٍ مخصِّصٌ للأحاديثِ العامَّةِ التي يَستدِل بها أبو حنيفةَ وأصحابهُ في وجوبِ العدل، ولا فرقَ بينَ الجديدةِ والقديمةِ مِنَ الزوْجاتِ.
(١) أخرجه مسلم (١٤٦٠) (٢/ ١٠٨٣).
(٢) أخرجه الدارقطني في "سننه" (٣٧٣٣) (٤/ ٤٣١).