في بهيمةِ الأنعام، وأنَّ اللهَ تلاهُ على الأمَّةِ، وذلك في سورة البقرةِ: {إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (١٧٣)} ١٧٣ ونحوُها في سورةِ النحلِ ١١٥، وفي هذه السورةِ المائدةِ بعدَ آياتٍ ٣، وفي سورةِ الأنعامِ ١٤٥.
وأكثرُ الأنواعِ التي تلاها اللهُ محرَّمةً مِن بهيمةِ الأنعامِ هي في سورةِ المائدةِ كما يأتي.
وهذا الاستثناءُ في الآيةِ: {إِلَّا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ} تبِعَهُ استثناءٌ آخَرُ في قوله: {غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ} ونَصبُ (غَيْرَ) على الحالِ؛ وهذا الاستثناء دليلٌ على دخولِ بقيَّةِ البهائمِ في اسمِ الأنعامِ.
ولما أدخَلَ الله في الأنعامِ المباحةِ الإنسيَّ والوحشيَّ جميعًا، استثنَى من كلِّ نوعٍ شيئًا:
أمَّا الإنسيُّ، فاستثنَى ما يُتلى عليكم على ما تقدَّم.
وأمَّا الوحشيُّ، فاستثنَى مِن حِلِّه صَيْدَه للمُحْرِمِ.
وقوله: {إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ مَا يُرِيدُ} يَقْضِي ويفصِّلُ ما يُريدُهُ لكم وعليكم، ولكنَّه لا يظلمُ في حُكمِه، ولا يجورُ في قضائِه.
ويشيرُ الله في ختمِ الآيةِ إلى إضمارِ تعليلِ الحُكمِ؛ تنبيهًا إلى أن حقِّه التسليمُ والانقيادُ والطاعةً، وعدمُ تعليقِ التسليمِ ببيانِ التعليلِ؛ كحالِ المُنافِقينَ.
سببُ إضمارِ حِكمةِ التشريعِ:
والله يُضمِرُ الحُكمَ لحِكَمٍ وعِلَلٍ كثيرةٍ، مِن أعظمِها عِلَّتانِ:
الأُولى: للاختبارِ والامتحانِ وتمييزِ أصحابِ الإيمانِ واليقينِ مِن