وذلك لما في "سُننِ أبي داودَ"؛ مِن حديثِ أبي ثعلبةَ الخُشَنِيّ، عن رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -؛ أنه قال في صَيدِ الكلب: (إِذَا أرْسَلتَ كَلبك وَذَكَرتَ اسمَ الله، فَكل وإن أكلَ مِنْهُ، وَكُلْ مَا رَدَّت علَيكَ يَدَاكَ) (١).
وما في "الصحيحينِ" أصحُّ وأقوَى.
السابعُ: المتردِّيَةُ؛ وهي ما سقَطَ مِن جبلٍ أو سطحٍ، أو سقَطَ في بِئرٍ مِن بهيمةِ الأنعام، فمات، فهي متردِّيَةٌ وميتةٌ محرَّمةٌ.
الثامنُ: النَّطيحةُ: وهي ما ماتت بنَطحِ جنسِها، كنَطحِ الغَمِ للغنمِ أو البقرِ للبقرِ بالرؤوس، ويدخل فيها ما لا يُطلَقُ عليه نطحٌ في اللُّغةِ؛ كموتِ البهيمةِ بجلوسِ بهيمة عليها أو ضَربِها برِجلِها، وهو الرَّفْسُ والوَقصُ، فهي محرَّمةٌ وإنْ جُرِحَت وخرَجَ منها دم.
التاسعُ: ما أكَلَ السَّبُعُ: وهو ما يُوجَدُ في البَرِّيَّةِ وغيرِها ممَّا افترسته السِّباعُ؛ كالذئابِ والفهُودِ والنُّمورِ والأسودِ والضِّباعِ وشبهِها، وقد كانتِ العربُ تجدُ بقايا ما أكَلتهُ السِّباعُ فتأكُلُه، وهي محرَّمةٌ، وذلك مِن وجوهٍ:
الأولُ: أنه لا يُعلَمُ ذابحُها؛ فقد تكونُ ماتت حَتْفَ نفسِها بمرضٍ أو لدغةِ حيَّةٍ أو نطحٍ أو سُمٍّ، فوجَدَتها السِّباعُ طَرِيَّةً فأكلَت منها، ووجَدَها إنسانٌ، فظَنَّها مِن صيدِ السِّبَاع، ثمَّ إن كانت يقينًا مِن صيدِ السِّباع، فهي حرامٌ؛ لأنَّها غيرُ معلَّمةٍ، ولكن قد تجتمع أسبابُ التحريمِ فيُغلَّظُ.
الثاني: أن اللهَ حرَّمَ على المسلِمِ أكلَ ما صادَتهُ جارحَتُهُ المعلَّمةً إن صادَت لنفسِها؛ فكيف ما صادَتهُ سبِاعٌ غيرُ معلَّمةٍ ولا يُدرى صفةُ موتِه؟ !
(١) أخرجه أبو داود (٢٨٥٢) (٣/ ١٠٩).