في جوازِ الحلفِ بأسماء اللهِ جميعًا، وفي الحلفِ بصفاتِه خلاف:
وعامَّة العلماءِ: على جوازِ ذلك؛ نص عليه مالك؛ كما في "المدونَةِ"، والشافعيّ؛ نقلَه عنه البيهقي، ومِثلهم أحمدُ، وحكى ابن هُبَيرَةَ الإجماعَ على انعقادِ اليمينِ بالصفاتِ.
واستثنَى أبو حنيفةَ عِلمَ اللهِ وحق الله، فلم يَره يمينًا (١).
ومَن قالوا بالجوازِ اختلَفوا:
فمنهم: مَن أطلَقَ الجوازَ بكلِّ صفة؛ فلم يَستثنوا منها شيئًا، وهم الأكثرُ.
ومنهم: مَن قيَّدَه بالصِّفاتِ الدالةِ على الذاتِ كالوجهِ؛ لقولِهِ تعالى: {كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ} القصص: ٨٨، وقالوا: إنَّ ما لا يدُلُّ على الذات، لا يُحلَفْ به؛ كاليدِ والقَدَمِ والساقِ وغيرِها مِن الصِّفاتِ الخبريةِ.
والصحيحُ: جواز اليمينِ بجميعِ الصفَات، وتنعقِدُ اليمينُ بها كما تنعقدُ بالأسماءِ؛ فلو أقسم بعِزَّةِ اللهِ ووجهِهِ ويدِه، جاز وانعقَدَتِ اليمينُ؛ فقد دَلَّ الدليلُ على جواز الاستعاذةِ بالصفة؛ كما في الحديثِ الذي يَرويهِ جابرُ بن عبد اللهِ مرفوعًا: (أعُوذُ بوَجهِك) (٢)، وفي الآخَرِ: (أعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللهِ التاماتِ) (٣)، وفي غيرِهِ: (أعُوذُ بِرِضاكَ مِن سَخَطِكَ) (٤)، والاستعاذةُ أظهَرُ في التعظيمِ والعبادةِ مِن القَسَمِ.
وقد دل الدليلُ على جوازِ القَسَمِ بالصفَةِ؛ كما في حديثِ أنس بنِ مالك، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، في الذي يُغمَسُ في الجنة، فيُقالُ له: هَل رَأَيتَ
(١) ينظر: "فتح الباري" لابن حجر (١١/ ٥٣٥).
(٢) أخرجه البخاري (٤٦٢٨) (٦/ ٥٦).
(٣) أخرجه مسلم (٢٧٠٨) (٤/ ٢٠٨٠)، و (٢٧٠٩) (٤/ ٢٠٨١).
(٤) أخرجه مسلم (٤٨٦) (١/ ٣٥٢).