وما انتهَى إليه قومُ لُوط انتهَتْ إليه بعض دُوَلِ الغربِ في أوروبا وأمريكا اليومَ، فبَدَؤُوا بالمراحلِ نَفْسِها التي بدَأَ بها قومُ لُوطٍ، حتى آخِرِهِنَّ، فأقَرُّوا وشرَعُوا إتيانَ الذُّكورِ للذُّكور، والإناثِ للإناث، ووضَعُوا العقودَ والوثائقَ لذلك، وأمرُهُمْ سيَنتهِي إلى وَبَالٍ؛ سُنَّة اللهِ في أمثالِهم مِن الأُممِ.
حكمُ تسميةِ فاحشةِ قومِ لوطٍ بـ (اللُّوطيَّة):
وتسميةُ الفاحشةِ باللُّوطيَّة جائزٌ لا كراهةَ فيه، وهي نِسْبةٌ إلى قومِ لوطٍ، لا إلى لوطٍ، فقوم لوطٍ مركَّبٌ تركيبًا إضافيًّا، ولا يُمكِنُ تعريفُ الفاحشةِ إلَّا بالثاني؛ فأُضِيفَتْ إليه - فإنَّها لو نُسِبتْ إلى الأوَّلِ مِن المركَّبِ (قومِ لُوطٍ)، لقِيلَ في نسبتِها: قَوْميَّةٌ، والفاعلُ قَومِيٌّ - كما يُنسَبُ إلى عبد قَيْسٍ، فيُقالُ: القَيْسِيُّ، ويقولُ ابنُ مالكٍ:
وَانسُبْ لِصَدْرِ جُمْلَةٍ وَصَدْرِ مَا ... رُكِّبَ مَزْجًا وَلِثَانٍ تَمَّمَا
إِضَافَةً مَبْدُوءَةً بِابْنٍ أَوَ ابْ ... أَو مَا لَهُ التَّعْرِيفُ بِالثَّانِي وَجَبْ
وقد ورَدَتْ في بعضِ الأحاديث، وهي - وإنْ كانتْ لا تخلُو مِن عِلَلِ - الَّا أنَّ مجموعَها وروايةَ الرُّواةِ لها دليلٌ على جوازِ إطلاقِ تلك اللَّفْظة، ولو كانتْ تلك اللفْظةُ مُنكَرةً؛ لأنكَرَ أئمَّةُ العِلَلِ متونَ تلك الأحاديثِ؛ لوُرُودِ لفظٍ يَستقبحونَهُ فيها، وإعلالُهُمْ لأسانيدِها دونَ متونِها دليلٌ على عدمِ نَكَارةِ هذا الإطلاقِ.
وصحَّ إطلاقُ اللَّفْظةِ في كلامِ بعضِ الصحابةِ كابنِ عبَّاسٍ، وجاء عن عبد اللهِ بنِ عمرَ، وعبدِ اللهِ بنِ عمرٍو، وغيرِهم، وجماعةٍ مِن أجلَّةِ التابعينَ، واستفاضَتْ على ألسنتِهم؛ كابنِ المسيَّبِ وعطاءٍ والحسنِ والزُّهْريِّ وأتباعِهم ومَن بعدَهُم مِن الأئمَّةِ الأربعة، ولم يُنكِرْها أحدٌ منهم.