المأخوذِ على صاحبِ المالِ غَبْنٌ؛ كمَن يُعبِّدُ للناسِ الجُسُورَ والطُّرُقاتِ والمصالحَ العامَّةَ، ويُفسِدُها مرورُ الناسِ عليها ويجبُ رعايتُها، فيُؤخَذُ منهم قَدْرُ رعايتِها.
أخذُ الضرائبِ من غيرِ المسلمين:
ويجوزُ أخذُ العُشُورِ والضرائبِ على أموالِ غيرِ المسلِمينَ؛ وبهذا عَمِلَ عمرُ وأقَرَّهُ الصحابةُ على ذلك، والكافرُ إمَّا أن يكون حربيًّا؛ فالأصل في مالِهِ الحِلُّ، وإمَّا أن يكونَ ذمِّيا؛ فيجوزُ أخذُ الجِزْيةِ منه، وأخذُ الجِزْيةِ منه دليلٌ على أنه في أنفُسِهم وأموالِهم حقٌّ للمسلِمينَ، يُقدِّرُهُ حاكمٌ عالمٌ عادلٌ على ما أقامَ العدلَ فيهم مِن غيرِ ظُلْمِهم.
وقد صحَّ عن ابنِ عمرَ: "أنَّ عمرَ بنَ الخَطَّاب كان يَأخُذُ مِنَ النَّبَطِ مِنَ الحِنطَةِ وَالزَّيْتِ نِصْفَ العُشْرِ؛ يُرِيدُ بذَلِكَ أَنْ يُكْثُرَ الحَمْلُ إِلَى المَدِيَنة، وَيَأخذ مِنَ القِطْنِيَّةِ العُشْرَ"؛ رواهُ مالكٌ (١).
وأخرَجَ مالكٌ أيضًا في "الموطَّأِ"، عن ابنِ شهابٍ، عن السائبِ بنِ يزيدَ؛ أنه قال: "كُنْتُ غلَامًا عَامِلًا مَعَ عبد اللهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسعُودٍ عَلَى سُوقِ المَدِينَةِ فِي زَمَانِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّاب، فَكُنَّا نَأخُذُ مِنَ النَّبَطِ العُشْرَ" (٢).
والأحاديثُ المرفوعةُ فيها لا تصحُّ، وأعلى شيءٍ صحيحٍ في جوازِ أخذِ العشورِ مِن غيرِ المُسلِمينَ عن عُمَرَ وأقَرَّهُ الصحابةُ، ويُروى عندَ أبي داودَ؛ مِن حديثِ حربِ بنِ عبيدِ الله، عن جدِّه أَبي أُمِّه، عن أبيهِ؟ قال: قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "إنَّمَا الْعُشور عَلَى اليَهُودِ وَالنَّصَارَى، وَلَيسَ عَلَى المسلمِينَ عُشُورٌ" (٣)؛ ولا يصحُّ.
(١) أخرجه مالك في "الموطأ" (عبد الباقي) (١/ ٢٨١).
(٢) أخرجه مالك في "الموطأ" (١/ ٢٨١).
(٣) أخرجه أبو داود (٣٠٤٦).