ولا يُعطِّلُ العملَ بحديثِ عُبادةَ وأبي هُرَيْرةَ؛ وإنَّما هي عامَّةٌ دخَلَها التخصيصُ.
وأمَّا حديثُ عُبادةَ عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -؛ (لَعَلَّكمْ تَقْرَؤُونَ خَلْفَ إِمَامِكُمْ)، قُلْنَا: نَعَمْ، هَذًّا يَا رَسُولَ الله، قَالَ: (لَا تَفْعَلُوا إِلَّا بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ؛ فَإِنَّه لَا صَلَاةَ لِمَنْ لَمْ يَقْرَأْ بِهَا)، فرواهُ أحمدُ وأبو داودَ والترمذيُّ؛ مِن حديثِ محمدِ بنِ إسحاقَ، عن مكحولٍ، عن محمودِ بنِ الرَّبيع، عن عُبَادةَ (١)، فالحديثُ في "الصحيحَيْنِ"؛ مِن حديثِ الزُّهْريّ، عن محمودِ بنِ الربيع، عن عُبادةَ؛ بلفظِ: (لَا صَلَاةَ لِمَنْ يَقْرَأْ بِفَاتِحَةِ الْكَتَابِ) (٢)، وليس فيه هذه الزِّيادةُ.
وقال الترمذيُّ: هذا أصَحُّ (٣).
وابن إسحاقَ تفرَّدَ بهذه اللفظةِ بهذا الإسنادِ.
وحديث عُبادةَ يَرويهِ الزُّهْريُّ، وهو أعلَمُ الناسِ بألفاظِ ما يَرويهِ وأحكامِه الفقهيَّة، وهو يُفتي بعدمِ القراءةِ خلفَ الإمامِ في الجهريَّة، كما رواهُ عنه مَعْمَرٌ (٤)، ولو صحَّ عنه المعنى في حديث عُبادةَ أو صَحَّ عندَهُ ما رواه ابنُ إسحاقَ، لَعَمِلَ به.
وفي حديثِ مكحولٍ اضطرابٌ أيضًا، فتارةً يَرويهِ عن محمودِ بنِ الربيع، ومرَّةً عن ابنِه نافعِ بنِ محمودٍ، ومرَّةً عن عُبادةَ بنِ الصامتِ؛ وهذا لا يُحتمَلُ في مثلِ هذا الحديثِ.
وقد ضعَّفَ حديثَ عُبادةَ أحمدُ وابن عبد البَرِّ وغيرُهما.
(١) أخرجه أحمد (٥/ ٣١٦)، وأبو داود (٨٢٣)، والترمذي (٣١١).
(٢) سبق تخريجه.
(٣) "سنن الترمذي" إثر حديث رقم (٣١١).
(٤) أخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (٢٧٨٤).