والأنفالَ في غزوةِ بدرٍ، وبدرٌ قبلَ بني النَّضِيرِ بالاتِّفاقِ.
وتقدَّمَ الكلامُ على الأنفالِ والسَّلَب، ويأتي الكلامُ على الجِزْيةِ في سورةِ التوبةِ بإذنِ اللهِ.
تخميسُ الغنيمةِ وحُكْمُهُ:
وفي هذه الآيةِ: {غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ} الآيةَ: دليلٌ على وجوبِ تخميسِ القليلِ والكثير، وأنَّه لا يُؤخَذُ منها شيءٌ يُستأثَرُ سه ولو قليلًا، وفي "المسنَدِ"؛ مِن حديثِ عُبَادةَ مرفوعًا: (أدُّوا الْخَيْطَ وَالمِخْيَطَ، وَأَكْبَرَ مِنْ ذَلِكَ وَأَصْغَرَ، وَلَا تَغُلُّوا) (١).
وقد صحَّ عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: (السَّهْمُ تَسْتَخْرِجُهُ مِنْ جَنْبِكَ، لَيْسَ أَنْتَ أَحَقَّ بِهِ مِنْ أَخِيكَ المُسْلِمِ)؛ رواهُ البيهقيُّ، عن عبد اللهِ بنِ شَقِيقٍ، عن رجلٍ مِنْ بَلْقَيْنِ مِن الصحابةِ (٢).
وبوجوبِ تخميسِ الغنيمةِ يقولُ عامَّةُ السلفِ والفقهاءِ؛ وهو قولُ أبي حنيفةَ والشَّافعيِّ وأحمدَ.
ويُروى عن بعضِ السلفِ؛ كمالكٍ وبعضِ الأئمَّةِ الفقهاءِ؛ كابنِ تيميةَ: جوازُ إلَّا يَقسِمَها الإمامُ تخمسًا، وأنَّ له أنْ يجتهدَ في إعطائِها على ما يراهُ وفيما يراهُ، واستُدِلَّ بما فعَلَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - يومَ حُنَينٍ؛ كما في البخاريّ، عن عبد اللهِ؛ قال: "لمَّا كَانَ يَوْمُ حُنَيْنٍ، آثَرَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - نَاسًا؛ أَعْطَى الأَقْرَعَ مِئَةً مِنَ الإِبِل، وَأَعْطَى عُيَيْنَةَ مِثْلَ ذَلِكَ، وَأَعْطَى نَاسًا، فَقَالَ رَجُلٌ: مَا أُرِيدَ بِهَذِهِ القِسْمَةِ وَجْهُ الله، فَقُلْتُ: لَأُخْبِرَنَّ النَّبَيَّ - صلى الله عليه وسلم -، قَالَ: (رَحِمَ اللهُ مُوسَى؛ قَدْ أُوذِيَ بِأَكْثَرَ مِنْ هَذَا فَصَبَرَ) " (٣).
(١) أخرجه أحمد (٥/ ٣١٦).
(٢) أخرجه البيهقي في "السنن الكبرى" (٦/ ٣٢٤).
(٣) أخرجه البخاري (٤٣٣٦).